سيناريو الدعم في مرحلته الأخيرة على المواد الغذائية، المحروقات والأدوية، يتكرر اليوم مع قطاع الانترنت. فتسعيرة هذه الخدمة ما زالت على سعر الصرف الرسمي 1515، فيما كل التكاليف، باستثناء شراء الانترنت من الخارج المدعوم من “المركزي” على سعر الصرف الرسمي، تدفع إما على سعر صرف السوق، وإما على سعر منصة صيرفة، الذي ارتفع مؤخراً إلى 8000 ليرة. الأمر الذي لا يؤثر على نوعية الخدمة فقط، إنما يعرضها للانقطاع الكلي.
خدمة الانترنت محتكرة بالكامل من قبل الدولة وهي تؤمن للمستهلكين عبر ثلاث قنوات رئيسية: أوجيرو، شركات التوزيع الخاصة التي تشتري “الميغا” من أوجيرو، وخدمة 3 و4 جي بواسطة شركات الخلوي. على صعيد شركات الخلوي وأوجيرو، لم تعد المبالغ المجباة تكفي لتأمين أسعار المحروقات للمولدات وأجور العاملين. حيث تنفق الأخيرة على سبيل المثال “مليار ليرة يومياً لشراء المازوت وتشغيل الشبكة”، بحسب تصريح مديرها العام عماد كريدية. أمّا شركات توزيع الانترنت، فهي وإن اشترت “الميغا” على السعر المدعوم من أوجيرو وهو 1515، إلا انها تدفع بقية النفقات على سعر صرف السوق. وبحسب رئيس تجمّع شركات مزودي الانترنت روبير صعب فان “نسبة التزوّد بالانترنت على السعر الرسمي تشكل فقط 25 في المئة فيما بقية التكاليف تشكل 75 في المئة”.
أمام هذا الواقع فان التجمع الذي لم يتفق بعد على رفع التسعيرة، سيكون ملزماً على ذلك مطلع العام القادم. مع العلم أن هناك بعض الشركات التي رفعت أسعارها بما يقارب 20 في المئة، معتمدة تسعيرة 1800 ليرة أو حتى 2000 أو 2500 ليرة للدولار. لكن “هذا القرار ما زال فردياً”، يقول صعب. و”التجمع يعدّ آلية جديدة للتسعير مقسمة بحسب الكلفة. بمعنى، إذا بقيت تسعيرة الدولة 1515 سوف يتم احتساب 25 في المئة من الفاتورة على السعر الرسمي، والـ75 في المئة الباقية سيحتسب جزء منها على سعر 8000 ليرة والجزء الآخر على سعر السوق. وإلا فان قسماً كبيراً من الشركات سيقفل نهائياً”، برأي صعب. و”هذا ما سيلحق مشكلة كبيرة بالقطاع. ولا سيما إن صحت التوقعات باستئناف العام الدراسي بعد 9 كانون الثاني 2022 افتراضياً وعادت الدولة إلى التشديد في موضوع الاقفال، مع ما يرافق ذلك من تكثيف العمل من المنازل”.
وعليه فان المطلوب، من وجهة نظر فكراجيان، “تحرير السعر وفتح القطاع أمام المنافسة. ما يسمح بالبحث عن بدائل مربحة ومنتجة أكثر، ومنخفضة الكلفة في الوقت عينه”. وعلى الرغم من عدم تقديم البدائل بعد للمواطنين وتحديداً البطاقة التمويلية، إلا أن تحرير السعر والمحافظة على الخدمة يبقيان أفضل من استمرار الدعم وفقدانها من الناحية الاقتصادية. خصوصاً أن غياب الانترنت يعرض مصالح أكثرية المواطنين إلى الشلل التام.