الأمن العام يفرض رسوماً إلزامية “مجحفة” بدل إجازة العمل

لا شك أن الأمن العام اللبناني بعناصره وعديده يتعرّض لضغوط إستثنائية لم يشهدها يوماً. فمنذ توسّع الحرب الإسرائيلية على لبنان بدءاً من النصف الثاني من شهر أيلول الفائت أغلقت العديد من مراكز الأمن العام في المناطق المستهدفة والمعرّضة لخطر القصف، وانتقلت بذلك عملياتها ومهامها إلى المقر الرئيسي للأمن العام في بيروت. ولأن الوضع استثنائي اتخذ الأمن العام إجراءات استثنائية، قدّم تسهيلات كثيرة للمراجعين من لبنانيين وعرب وأجانب، مدّد مهل وأعفى من غرامات، تتنوع بين كافة الطلبات والمستندات.

وليست الظروف الإستثنائية على الأمن العام فحسب بل على مؤسسات أخرى تقع في مناطق مستهدفة كوزارة العمل، إذ اضطرت الأخيرة إلى إغلاق أبوابها كلّياً وتعاملت مع مراجعيها على هذا الأساس. فمدّدت صلاحيات عقود وعلّقت مهل وفتحت بعض الخدمات رقمياً “online” لتسهيل أمور المواطنين. لكن إن كان من حالة استثنائية تمنع استصدار إجازة عمل لعامل أجنبي من وزارة العمل فذلك لا يجيز لأي جهة أن تحمّل المواطنين مسؤولية ذلك. وهل يمكن للأمن العام أن يفرض رسوماً إضافية بدل نقص إجازة العمل؟.

بين وزارة العمل والأمن العام

يوضح مصدر مسؤول من وزارة العمل أنه منذ بداية الحرب وتوسعها أقرت وزارة العمل تعليق المهل المتعلقة بإجازات العمل وبراءة الذمة “وبناء عليه جرى التنسيق مع الأمن العام الذي أصدر مذكرة مدّد فيها المهل بالنسبة لإجازات العمل وبات الأجنبي المتواجد على الأراضي اللبنانية معفياً بدءاً من 23 أيلول من دفع أي رسوم تأخير في حال تأخر بتجديد إجازة العمل والإقامة”.

وتضاف إجراءات وزارة العمل إلى بعض الخدمات الـ”online” وفق حديث المصدر إلى “المدن” بهدف تيسير أمور المواطنين بالإضافة إلى اتخاذ تدابير بالتنسيق مع الأمن العام تقضي بتجديد إقامة العاملات المنزليات من دون الحصول على إجارة عمل وذلك كي يتجنب المواطن المخالفات لأسباب خارجة عن إرادته.

وبناء على توافق وزارة العمل والأمن العام على إعفاء المواطنين من غرامات انتهاء إجازات العمل والإقامة للعاملات المنزليات بدءاً من 23 أيلول، أصدر الأمن العام قرارات تفيد بأنه “نظراً للظروف الإستثنائية السائدة التي تحول دون تمكن أصحاب العلاقة من الإستحصال على إجازات عمل، وبعد التنسيق مع وزارة العمل تعلن المديرية العامة للأمن العام عن قبول طلبات منح وتجديد الإقامة السنوية للعمال العرب والأجانب من كافة الفئات دون ضم إجازة عمل صالحة شرط ضم نسخة مصدقة عن عقد عمل جديد وتأمين صحي لا تقل صلاحيته عن الستة أشهر”.

وأتاح الأمن العام صراحة قبول طلبات منح وتجديد الإقامات السنوية فقط للعمال العرب والأجانب فئة رابعة (عامل(ة) خدمة منزلية) وفقاً للأصول من دون ضم إجازة عمل صالحة أو تعود صلاحيتها لأقل من ستة أشهر، على أن لا يستوفى رسم تأخير عن طلبات الإقامة المنتهية اعتباراً من تاريخ 25 أيلول 2024 ضمناً. كما أورد أيضاً بجواز استيفاء بدل خدمات مأجورة عن هذه الطلبات.

ما يعني أن أي تأخير بالإستحصال على إجازات عمل ليس من شأنه أن يعيق التجديد لإقامة العامل الأجنبي ولا يستلزم أي رسوم إضافية. فالأمن العام لم يأت على ذكر أي رسوم إضافية لقاء تلك التسهيلات لاسيما منها منح وتجديد الإقامات السنوية للعاملات بالخدمة المنزلية.

بين التأكيد والواقع

رغم توضيح وزارة العمل والأمن العام، كل على حدة، مسألة الإعفاء من الغرامات والتسهيلات وتعليق المهل، إلا أن أكثر من شكوى وردت على ألسنة مواطنين عمدوا إلى تجديد إقامة عاملات منزليات لديهم وفوجئوا بفرض مبلغ مالي من قبل الأمن العام بقيمة 4 ملايين و900 ألف ليرة بدل عدم وجود إجازة عمل. ولا علاقة للمبلغ المالي بخدمة تسريع المعاملات البالغة قيمتها أيضاً 4 ملايين و900 ألف ليرة، هذا ما أكده أكثر من شخص اضطر لسداد هذا المبلغ من دون أي تبرير.

تواصلت “المدن” مع المتحدث باسم الأمن العام العميد بشارة بو حمد لاستيضاح الأمر فأكد عدم استيفاء أي رسوم إضافية “لا بل تم وضع تسهيلات لإجراء المعاملات في ظل الظروف الإستثنايئة”، وأوضح أنه في حال كان المطلوب تجديد إقامة مستعجلة فيتم فرض رسم 4 ملايين و900 ألف ليرة وفي حال أرادها المواطن “دوبل” مستعجلة فيمكنه مضاعفة المبلغ المذكور وهذا أمر اختياري. مع تشديد بو حمد على أن رسوم خدمة “المستعجلة” غير إلزامية “فمن لا يريد تجديد الإقامة بصفة مستعجلة يمكنه ألا يسدد أي رسم إضافي ويحصل عليها خلال 20 يوم عمل”، مقابل الرسوم الأساسية أي 13 مليون ليرة.

تأكيد بو حمد في حديثه لـ”المدن” عاكسته التجربة إذ زارت “المدن” مقر الأمن العام في السوديكو واستوضحت الأمر وما إن كان بالإمكان تجديد إقامة عاملة منزلية من دون إجازة عمل ومن دون دفع أي رسوم أضافية، لكن الجواب جاء بالنفي. إذ أكد أحد العناصر المعنيين في الأمن العام باستلام طلب تجديد الإقامة بأنه يجب سداد 4 مليون و900 ألف ليرة ليس لتسريع المعاملة إنما لعدم توفر إجازة عمل. وعند سؤالنا عن سبب فرض رسم جاء الجواب أنه بدل إجارة عمل. من هنا يتّضح أن الأمن العام يحمّل، بالحد الأدنى، أو يستغلّ الظروف الإستثنائية والحرب القائمة لاستغلال المواطنين وفرض رسوم “غير محقة” عليهم.

مصدرالمدن - عزة الحاج حسن
المادة السابقةاللجنة الاقتصادية في الأمم المتحدة تصوِّت لمشروع قرار البقعة النفطية على الشواطئ اللبنانية
المقالة القادمةالأستاذ عاطف إدريس في مقابلة مع الصحافية نوال ليشع في برنامج نقطة عالسطر – إذاعة صوت لبنان