أصدر الإتحاد العمالي العام بياناً حول المذكرة المطلبية التي تم رفعها إلى رئيس الحكومة سعد الحريري.
وقال الإتحاد في البيان “أثناء قيام وفد من الاتحاد العمالي العام واتحادي النقابات العمالية في المصالح المستقلة والمؤسسات العامة والخاصة رفع الوفد برئاسة رئيس الاتحاد العمالي العام د. بشارة الأسمر مذكرة خطية قانونية يشرح فيها الضرر اللاحق في بعض بنود الموازنة لهذه الفئات الوظيفية وطلب في نهاية المذكرة عدم التعرّض للحقوق المكتسبة لهؤلاء العاملين في هذه المؤسسات وعدم جواز إلغاء الرواتب الإضافية للمستخدمين والعمال فيها كما عدم إلغاء ملحقات الرواتب وضرورة إلغاء المادتين 54 و 61 من مشروع قانون الموازنة للعام 2019.
وفيما يلي نص المذكرة:
بيروت، في 10/5/2019
دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الدين الحريري المحترم
الموضوع: مذكرة مرفوعة من الاتحاد العمالي العام واتحادي النقابات العمالية في المصالح المستقلة والمؤسسات العامة والخاصة حول عدم جواز الغاء الرواتب الاضافية للمستخدمين والعمال في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة وعدم جواز الغاء ملحقات الرواتب .
بداية يقتضي التوضيح والتنبيه الى أنه من المبادئ الدستورية السامية مبدأ عدم رجعية القوانين ومبدأ الحقوق المكتسبة ، ووجوب الإشارة الى النقاط التالية :
إن المستخدمين والعمال في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة يرتبطون بمؤسساتهم بعقود عمل فردية أو جماعية أو قرارات تعيينهم وفقا للأنظمة المرعية الإجراء ، وتنص هذه الأنظمة على أن الرواتب تدفع مشاهرة و أنهم يتقاضون رواتب إضافية سنوية مما يعني أنهم لا يتقاضون رواتب أربعة عشر شهرا او اكثر وانما يتقاضون دخلا سنويا محددا مقسوما على اربعة عشر دفعة أو خمسة عشر دفعة !!! وقد عرفت مجازا باربعة عشر شهرا او أكثر أو أقل ، فالراتب أو الدخل الفعلي هو الدخل السنوي مقسوما على اثني عشر شهراً .
من جهة أخرى فإن عمال هذه المؤسسات يختلفون عن موظفي الإدارات العامة بأنهم لا يخضعون لشرعة التقاعد والمعاشات التقاعدية بل يتقاضون تعويض نهاية خدمتهم من الضمان الاجتماعي .
إن اعطاء الرواتب الشهرية لموظفي الدولة او لمستخدمي المؤسسات العامة وعمالها يستند الى إما قانون الموظفين المرسوم الاشتراعي 112/1959 ، او لمراسيم أو قوانين إنشاء هذه المؤسسات وأنظمة المستخدمين فيها ، بالتالي فإنه يستفيد من احكام هذه القوانين والمراسيم والأنظمة واعتبارا من تاريخ العمل بها جميع الأشخاص الذين تتوفر فيهم الشروط الواردة فيه، وبالتالي فلا تستحق الرواتب والتعويضات والمخصصات للمستفيدين من احكام هذا القانون الا ابتداء من تاريخ العمل به ، ما يدل دلالة صريحة على أن المشرع قد راعى حين إصدار هذه القوانين او المراسيم او الانظمة على أنه فإذا ما شاء المشرع تعديل هذا القانون فإنه لا يشمل الأشخاص الذين سبق أن ترتبت لهم اوضاع قانونية وحقوق مكتسبة في ظل القانون الحالي وبالتالي فإنه حينذاك ، إن صدر يشمل الأشخاص الذين يدخلون العمل بعد نفاذه ولا يشمل الأشخاص الذي سبق أن دخلوا العمل قبل نفاذه وفقا لمبدأ عدم رجعية القوانين ومبدأ الحقوق المكتسبة ، فالحقوق المكتسبة لا تُلغى بقانون، وهذا الأمر قد أقرّ به كافة الفقهاء .
إن الحق المكتسب ما هو الا انعكاس لمعنى عدم جواز رجعيه القوانين فان امتنع تطبيق القانون باثر رجعي فلن يمس الحقوق التي وجدت أو قررت بموجب القوانين السابقة ، والأصل أن لا يسري القانون الا من حين نفاذه والعمل به ، ولا يطبق على الوقائع التي حصلت قبل صدوره ، وهذا ما يسمى (نظرية عدم سريان القانون على الماضي) وحكمة ذلك ضمان الحقوق المكتسبة التي ترتبت على الوقائع الماضية وجعل أصحابها في مأمن من إلغائها أوضياعها ليكون الناس على ثقة بالحقوق القانونية واطمئنانًا إلى القوانين وبالتالي فالحق المكتسب أثر لقاعدة عدم رجعية القوانين .
ومن جهة أخرى ولجهة الحقوق المكتسبة في القانون العام فإن الحق المكتسب يعني الحفاظ على المركز القانوني الذي نجم عن تصرف قانوني معين، وهو يقوم على مبدأ مهم هو مبدأ الأمن القانوني Sécurité juridique، ويعد مبدأ الحق المكتسب الأرضية الفلسفية لمبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية ومبدأ سريان القوانين من دون رجعية، ومن ثم فإنه يرمي إلى حماية المركز القانوني الذي تولد في الماضي، وهذا ينتج منه حقيقة مهمة هي أن للحق المكتسب في القانون العام دوراً حمائياً ، لأنه يؤدي دوراً في الرقابة على التصرف القانوني (ولاسيما القرارات الفردية) حتى قبل إصداره.
تقتضي الإشارة الى أن هذه المؤسسات العامة والمصالح المستقلة لا تتشابه في انظمتها ، وبالتالي فإن النظام العام للمؤسسات العامة: المرسوم رقم 4517 تاريخ : 13/12/1972 ينص في المادة 40 منه على ما يلي :
المادة 40
يبقى كل من مصرف لبنان والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة والمجلس الوطني للبحوث العلمية ومجلس تنفيذ المشاريع الانشائية ومجلس تنفيذ المشاريع الكبرى لمدينة بيروت والجامعة اللبنانية والمركز التربوي للبحوث والانماء خاضعا لقانون انشائه وللنصوص التنظيمية الصادرة تطبيقا له.
ومن جهة أخرى فكما أن مصرف لبنان يخضع لقانون النقد والتسليف فإن الضمان الاجتماعي يخضع لقانون الضمان الاجتماعي وهيئة اوجيرو لديها قانون خاص ومرفأ بيروت لا يزال مسجلا في السجل التجاري كشركة خاصة وكذلك الريجي ، هيئة ادارة حصر التبغ والتنباك ، ما يقضي بضرورة مراعاة قوانين إنشاء هذه المؤسسات .
بالعودة الى الهيئات الاستشارية العليا في الجمهورية اللبنانية فإن هيئة الاستشارات والتشريع قد أبدت رأيها مرارا وتكرارا حول عدم جواز تعارض اقتراح القانون مع مبدأ عدم رجعية القوانين وخلصت الى عدم جواز تعرّض القانون الجديد للحالات والاوضاع القانونية الناشئة والمستكملة مقوماتها القانونية والواقعية قبل تاريخ نفاذه عملا بقاعدة عدم رجعية القوانين والانظمة تراجع الاستشارة رقم 1707/1995
تاريخ 22/7/1995 والاستشارة رقم 341/2002 تاريخ 28/5/2002 والاستشارة رقم 425/2004 تاريخ 13/7/2004 ،
كما قررت الهيئة في الاستشارة رقم 113/2006 تاريخ 27/7/2006 انه يقتضي شمول مبدأ عدم رجعية القانون الجديد للأوضاع الواقعية الناشئة قبل تاريخ نفاذه وكانت لا تزال مستمرة غير مستنفذة مفاعيلها وانه يقتضي التفريق بين تاريخ تطبيق القانون وبين دخول القانون حيز المنظومة التشريعية ،
لذلك كله ،
فإن هذه الآراء تجمع على ان المبدأ هو التطبيق الآني للقانون الجديد او عدم رجعية القانون الجديد وان المقصود بالتطبيق الآني للقانون الجديد، هو ان هذا القانون يسود فوراً ليس فقط الأوضاع الواقعية التي تنشأ بعد تاريخ نفاذه، ولا يشمل تلك التي نشأت قبل صدوره ،وقد أكدت محكمة التمييز اللبنانية في القرار رقم 53 صادر بتاريخ 5/5/2005 على بقاء الأوضاع القانونية الذاتية العقدية الناشئة في ظل القانون القديم خاضعة لأحكام هذا القانون عملاً بمبادئ الاثر الناشر للقانون الجديد و عدم رجعية القوانين ،
وقد أكد مجلس شورى الدولة في القرار رقم 327 الصادر بتاريخ 2/3/2005 على وجوب حماية الحقوق المكتسبة وعدم التعرض للأوضاع الفردية المكتسبة عند ممارسة الادارة لامتيازاتها في سبيل تحقيق المنفعة العامة ،
ولما كان قانون العمل اللبناني قد حدد الالتزامات المتقابلة بين كل من صاحب العمل والأجير ،
ولما كان من التزامات رب العمل الخاصة المنصوص عليها في قانون العمل الالتزام بوفاء الأجر والنظام القانوني للأجور ،
ولما كانت الأحكام القانونية المتعلقة بحماية الأجير تنقسم إلى قسمين: قسم يتعلق بضمان استيفاء الأجير لأجره، وقسم يتعلق بحماية الأجير من دائنيه وهي منصوص عنها في قانون العمل والموجبات والعقود واتفاقية حماية الاجور (منظمة العمل الدولية ) رقم 95 لسنة 1949 ،
وبناء عليه نخلص الى أنه ووفقا لرأي هيئة الاستشارات والتشريع في الرأي رقم 58/2000 تاريخ 2/6/2000 ، أن الاصل في تنازع النصوص في الزمان هو الاثر المباشر للنص الجديد وعدم رجعيته بالنسبة للاوضاع القانونية الناشئة او المكتمل نشؤوها في ظله والى أن اخضاع الاوضاع القانونية المتمادية في ظل نصين قديم وجديد إلى النص القديم في كل مرة تقضي العدالة بذلك. لذلك فان هذه المادة تعتدي على الحقوق المكتسبة للعاملين في المؤسسات المذكورة فاذا ما كان مبدأ الرواتب الاضافية يطال هؤلاء الأشخاص ، فإن سببه هو أمر وحيد يتعلق بالراتب المحدد وبغياب النظام التقاعدي لهؤلاء ، من جهة اخرى فانه لا يجوز للدولة أن تسلب راتب موظف ، فحقوقه المكتسبة هي دخله السنوي مقسوما على عدد الاشهر ، لانها تعد من الحقوق المكتسبة لمستخدمي القطاع العام الخاضعين لقانون العمل (يراجع قرار مجلس الشورى حكم رقم : 291 /1996) حيث ورد فيه بما انه يمكن ان يحمل القاضي الاداري على تقدير ومراقبة دستورية مرسوم او اي عمل اداري – لم يتخذ وفاقا للقانون لتطبيق احكامه ولا تؤدي تلك المراقبة وبالتالي ولا تفرض من قبله تقدير صحة القانون ذاته – عندما يكون هذا العمل الاداري مخالفا للدستور بطريقة مباشرة فيتحقق القاضي الاداري حينئذ من مطابقته لاحكام الدستور ويجب عليه ان يبحث هذه المسألة مثل ما يفعله المجلس الدستوري, اي بتطبيق القانون الدستوري.
ومن جهة اخرى فان هذه الحقوق منصوص عنها في عقود العمل الجماعية او في الانظمة المتعلقة بالمستخدمين والاجراء وكذلك من قانون العمل وبالتالي فان مدى امكانية تعديل انظمة العاملين في القطاع العام من قبل الادارة ، اذا ما كانوا خاضعين لقانون العمل هو امر غير جائز مطلقا،
وبناء على اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن تحديد الحد الادنى للاجور رقم 131 المبرمة بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 70 تاريخ 25/6/1977،
بناء على اتفاقية العمل العربية رقم 15 المبرمة بموجب القانون رقم 183 تاريخ 24/5/2000 (تحديد وحماية الاجور)
ولما كانت الأحكام القانونية المتعلقة بحماية الأجير تنطلق من اتفاقية حماية الاجور (منظمة العمل الدولية ) رقم 95 لسنة 1949 ،
الامر يختلف عندما يتعلق النزاع بالقطاع الخاص وبالاجراء (Salariés) التابعين له لانه تطبق عليهم احكام قانون العمل, تلك الاحكام التي تتماسك بعضها مع بعض وتؤلف وحدة متكاملة لا تتجزأ. لذلكك فانه للاجراء الخاضعين لاحكام قانون العمل – وموظفي وعمال المؤسسات العامة من عدادهم – ان يستفيدوا من الاتفاقات والانظمة الاكثر فائدة لهم سيما ان المادة 43 من قنون العمل تنص على بطلان الاحكام المخالفة لهذا الفصل واستفادة الاجراء من الانظمة والاتفاقات الاكثر فائدة ، كل اتفاق مخالف لاحكام هذا الفصل بما يتعلق بمدة العمل والاجازات هو باطل حكما وللاجراء ان يستفيدوا من الاتفاقات والانظمة الاكثر فائدة لهم،
علما ان المادة 66 من قانون العمل تفرض على كل رب عمل يستخدم خمسة عشر اجيرا فاكثر ان يضع نظاما للاجراء لتنظيم العمل في مؤسسته. وبما ان النظام الذي تصدره السلطة المختصة يعتبر قانونا ملزما لها وللاجراء في المؤسسات العامة وان الحقوق التي تمنح لهؤلاء الاجراء والتي تكون اكثر فائدة لهم من تلك الملحوظة في قانون العمل تصبح حقوقا مكتسبة لهم ولا يحق العودة عنها عملا باحكام المادة 59 من قانون العمل التي تعتبر من الانتظام العام والتي تنص على بطلان الاتفاقات المسقطة لاحكام الفصل الرابع حكماً وسريان الاتفاقات الاكثر فائدة ووضع الاجراء الاجانب والمضطرة لترك الخدمة بسبب الزواج حيث يرد فيها ان كل نص في عقد اجارة الخدمة وبصورة عامة كل اتفاق يعقد بين رب العمل والاجير قبل العمل وخلال مدته يراد به اسقاط احكام الفصل الرابع المتعلق بالاجور او تخفيض المبلغ الذي يحق للاجير بمقتضى هذه الاحكام يكون باطلا حكما.اما النصوص الواردة في اتفاق خاص او في نظام للعمال ويراد بها اعطاء هؤلاء شروط اكثر فائدة لهم فيستفيدون منها.وبما ان النص الوارد في المادة 61 يكون مخالفا لمبدأ الحقوق المكتسبة التي نص عليها نظام الاجراء وكفلتها احكام قانون العمل المتعلقة بالانتظام العام ما يقضي بعدم جواز اقراره .
لذلك ، وانطلاقا مما تقدم فإن الاتحاد العمالي العام واتحادا النقابات العمالية في المصالح المستقلة والمؤسسات العامة والخاصة يناشدان دولتكم عدم التعرض للحقوق المكتسبة لهؤلاء العاملين في هذه المؤسسات وعدم جواز الغاء الرواتب الاضافية للمستخدمين والعمال في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة وعدم جواز الغاء ملحقات الرواتب وضرورة إلغاء المادتين 54 و61 من مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2019 وعدم التعرّض لأي من الحقوق المكتسبة لجميع العاملين في القطاع العام (من الأسلاك العسكرية ومتقاعدين وأساتذة).