الاتصالات في مرمى النيران… ومواجهة التداعيات بـ”القطعة”

تداركت شركة “ألفا” وفقاً لما أعلنته “الأثر السلبي الذي خلفه تدمير محطتين تابعتين لها في منطقة الضاحية ليل الأربعاء، وباشرت باتخاذ الإجراءات الفنية والتقنية التي سمحت بتخفيف الضغط المتزايد على الشبكة، وضمان استمرارية الخدمة خصوصاً في المناطق التي تشهد نزوحاً”. مثل هذه التداعيات التي يخلفها الإعتداء الإسرائيلي المستمر على لبنان وإن كانت من الأكبر على منشآت تابعة لشركتي الإتصال في العاصمة بيروت حتى الآن، إلا أنها ليست الأولى منذ بدء حرب المشاغلة في الجنوب، وقد لا تكون الأخيرة.

وهذا ما يعزز المخاوف من أن تنسحب الصعوبة التي يواجهها أهالي الجنوب في التواصل عبر شبكة الإنترنت الثابتة خصوصاً، والأعباء المالية التي يفرضها التواصل عبر شبكة الجيل الرابع، على باقي الأراضي اللبنانية، وخصوصاً مع توسع دائرة العدوان الإسرائيلي وحدته.

إصلاح المحطات المتضررة
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان، شكل توفر الاتصالات واستقرار شبكتها الثابتة والمتحركة، واحداً من الهواجس الأساسية للبنانيين، ليس فقط لتأمين التواصل في حالات الطوارئ، وإنما أيضاً لما توفره من شبكة أمان تسمح للناس بأن يتعاونوا، أو يتبادلوا المعلومات، وحتى يطمئنوا على بعضهم البعض، ويواصلوا أعمالهم، وخصوصاً بظل جولات العنف التي تستهدف المدنيين في مختلف المناطق.

انطلاقاً من هنا فإن التحديات الإضافية التي فرضتها الحرب على قطاع الاتصالات، تطرح السؤال مجدداً عن الخطط البديلة والإجراءات الإحترازية التي ستتخذ لضمان الحفاظ على شبكات الإنترنت الثابتة أو المتحركة، وخصوصاً بظل انعدام البدائل المتاحة لعموم الناس، هؤلاء الذين سيكونون أكثر حاجة للتواصل فيما بينهم، ومع عائلاتهم المنتشرة في الخارج، كلما اشتدت الأوضاع تأزماً.

يتحدث الوزير القرم للـ”المدن” عن أكثر من مشكلة طرأت على خدمات الإتصال في الأيام الماضية. وإذ يتجنب إعطاء تفاصيل إضافية حول كيفية معالجة نتائج الضرر الذي تسبب به تدمير محطتي الضاحية، يكتفي بالإشارة الى أن أعمال نقل مركز المحطة انطلقت فوراً. ويكشف القرم عن تحد أبرز، تواجهه الشركتين في أماكن لجوء النازحين، حيث يتركز ضغط الإتصالات في مناطق محصورة، بعدما كان موزعاً على عدة مناطق، متحدثاً عن حلول متوفرة لهذه المشكلة وتعمل شركتي الإتصال على تأمينها.

تعالج الوزارة وفقاً للقرم كل مشكلة تطرأ بشكل منفصل، مع متابعة يومية لما يحصل. وهو يكشف عن بدء تطبيق الخطة الموضوعة مع أوجيرو، وأيضاً من دون أن يعطي تفاصيل هذه الخطة التي يقول أنها متعلقة بالهيئات الإغاثية.
ولكن ماذا عن تأمين الإتصالات للناس، حتى يتمكن هؤلاء على الأقل من أن يتواصلوا مع الهيئات الإغاثية؟ يجيب القرم “نحن نعمل بقدر الإمكان، ونواكب كل التطورات، وإذا تضرر مركز نقوم بنقله، أمنّا التجوال الوطني “national roaming” بين الفا وتاتش، ويمكن لمشتركي إحدى الشبكتين في حال تضررت، الإنتقال الى الشبكة غير المتضررة.

أما في المناطق التي نواجه فيها صعوبة بتأمين حاجة المحطات للمازوت وخصوصاً في بعلبك والجنوب، يقول القرم، تواصلنا مع المحافظين لتزويدها بالمادة على أن تسدد الوزارة ثمنها فوراً. ولا ينفي القرم في المقابل أن هناك مشاكل كثيرة، وأعطالاً في مختلف المناطق، مشيراً إلى خروج 113 محطة تاتش عن الخدمة، 61 منها لأسباب أمنية و15 من جراء السّرقات و114 محطة تابعة لشركة ألفا. وعن محطات أوجيرو أكد القرم خروج 26 محطة من أصل 266 عن الخدمة.

الإعتداء على محطتي ألفا
نشر القرم فيديو عن الإعتداء الذي حصل على محطتي ألفا على خاصيته عبر تطبيق “اكس” إستنكر فيه ما حصل، ليلحق ذلك ببيان صادر عن مكتبه الإعلامي يهيب فيه بمستغلي الأزمة من موزعي الإنترنت في الأحياء، الذين قال أنهم يعمدون الى رفع بدلات الإشتراكات الشهرية لمراكمة أرباحهم، غير آبهين بظروف الناس الصعبة ولا واقعهم الإقتصادي المتردي. واعتبر القرم هذا العمل “غير إنساني ولا أخلاقي أو وطني”. إلا أنه وضع كرة مجابهته بملعب متلقي الخدمة المتضررين حين دعاهم ليشتكوا الى وزارة الاقتصاد.

بطبيعة الحال يشكل إبتزاز الناس بحاجتهم المتزايدة للإنترنت في فترة الحرب، واحداً من تداعيات الواقع الشاذ المزمن لهذا القطاع، والذي وضع ديوان المحاسبة يده عليه منذ مدة، ليطالب وزارة الاتصالات بحلول تسمح لها بالإمساك بزمام الأمور، خصوصاً أن وزارة الاتصالات هي نبع الإنترنت حتى بالنسبة لـ”ديوك الأحياء”. وبالتالي هي قادرة على فرض قراراتها الملزمة لتأمين الحلول العادلة للمواطنين.

أما وضع الناس بمواجهة موزعي الأحياء فيشكل وفقاً لمصدر خبير متابع للملف، تهرباً من المسؤولية. فالوزارة كما يقول “ليست لا مراقب ولا هيئة غير رسمية وإنما هي المسؤولة الأولى، وبيدها إلزام شركات التوريد المرخصة الـ ISP تسعيرة موحدة تفرض على جميع الأراضي اللبنانية، مثلما هي الحال بالنسبة لتسعيرة مولدات الأحياء، تحت طائلة سحب رخصة المورد الذي لا يؤمن الإلتزام بهذه التسعيرة، ونقل المستفيدين من خلال هذا المورد الى مورد آخر. علماً أنه إذا كان الوزير غير قادر على الوصول الى مئات موزعي الأحياء على كامل الأراضي اللبنانية، هو على الأقل يملك سلطة على الموردين الشرعيين، والذين تعرف الوزارة تماماً من منهم يبيع كميات من السعات لـ”ديوك الأحياء” وبأي سعر يبيعه هؤلاء الى المشتركين.”

مصدرالمدن - لوسي بارسخيان
المادة السابقةإسرائيل تستهدف القطاع الصحي: 6 مستشفيات خارج الخدمة
المقالة القادمةمصر تستعد لافتتاح أكبر مصنع من نوعه في العالم