الاستقالات من الوظيفة العامة لم تبدأ (فعلـياً) بعد

حتى الآن، لا يعكس عدد الاستقالات من وظائف القطاع العام المخاوف من شغور «غير مسبوق» في المؤسسات والإدارات العامة. المُعطيات تظهر أنّ الحديث عن «تسرّب» الموظفين والعاملين في القطاع العام يكاد ينحصر في صفوف العسكريين، «حيث تشير التقديرات إلى هروب نحو ستة آلاف عسكري»، على ما يقول مندوب وزارة المال في رابطة موظفي الإدارة العامة وليد الشعار، لافتاً إلى أن إجراءات اتخذت أخيراً بحق العسكريين هي التي «تردع الآلاف غيرهم». أما الاستقالات في بقية الوظائف فلا تزال «محدودة» بسبب المادة 78 من قانون موازنة عام 2019 التي حظرت الاستقالة حتى تاريخ 30/7/2022، «لذلك، يمتنع عدد كبير من الموظفين عن تقديم استقالتهم كي لا يخسروا تعويضاتهم. إلا أنه من المتوقع أن نشهد استقالات بالجملة بعد هذا التاريخ في حال بقي الوضع على حاله».

يؤكد عضو رابطة موظفي الإدارة العامة إبراهيم نحال، مشيراً إلى أن تقديرات الرابطة تفيد بأن 10% على الأقل من موظفي الإدارات العامة تركوا وظائفهم إما بسبب السفر أو بحثاً عن وظيفة أخرى، «وهذه النسب مُرجّحة للارتفاع مع ازدياد الأوضاع المعيشية والاقتصادية سوءاً ما سيدفع مزيداً من الموظفين إلى الهجرة والبحث عن بدائل».

ومعلوم أن الإدارات العامة تعاني من تزايد الشغور منذ ما قبل الأزمة الاقتصادية. وتُشير التقديرات إلى أن نسبة الشغور في الوزارات وصلت قبل الأزمة إلى نحو 50%. فعلى سبيل المثال، هناك 40 وظيفة فئة أولى شاغرة في الوقت الراهن (منها وظيفة مدير عام وزارة المالية) بحسب تقديرات الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين. هذا الشغور عززته عوامل عدة أبرزها قرار تجميد التوظيف الذي نص عليه قانون سلسلة الرتب والرواتب، «ما أدّى إلى عدم إدخال دم جديد للإدارة العامة وتراكم الملفات وجمود العمل الإداري وغيره» وفق نحال.
وإذا كان هذا الواقع يسبق الأزمة، فهو مرجح للتفاقم. فهل يعني ذلك أن الحاجة إلى اقتراح قانون يُجيز التسريح انتفت؟ يجمع غالبية المعنيين في الإدارات العامة على أن هذا القانون يخدم بالدرجة الأولى القطاع العسكري «وهو اقتراح من الممكن أن يحسّن المالية العامة»، وفق الشعار.

 

مصدرجريدة الأخبار - هديل فرفور
المادة السابقةسلامة يشعل سوق الصرف
المقالة القادمةحُكم قضائي فرنسي على «سرادار»: عليه ردّ وديعة بـ 2.5 مليون يورو