81 تهديداً بإخلاء السكن تلقّاها عشرات المُقيمين في لبنان في الشهرين الأولين من السنة الحالية، وفق تقديرات «مرصد السكن الذي أشار إلى تلقّيه 88 بلاغاً مُتعلّقاً بـ«الهشاشة السكنية» تطال 237 شخصاً، «نصفهم أطفال»، فيما تعود 36 من البلاغات الى «نساء يسكنّ وحيدات مع أولادهنّ مهدّدات بالإخلاء».
التقرير الصادر حديثاً عن «المرصد» يوضح أنّ البلاغات تتوزّع بين 72 تهديداً شفهياً بالإخلاء وتسعة تهديدات غير مباشرة، وسبعة بلاغات بإخلاء فعلي. والقاسم المشترك بين كل البلاغات هو العجز عن تسديد بدل الإيجار.
ومع أنّ الخدمات المرتبطة بالمسكن (القيمة التأجيرية، الغاز والمحروقات والكهرباء والماء والإيجار…) التي تشكّل، مع الصحة والتعليم، نحو 43% من موازنة الأسر، لم تشهد أسعارها ارتفاعاً كبيراً مقارنةً ببقية السلع، بسبب استمرار اعتماد سعر الصرف الرسمي للدولار وبقاء سياسة الدعم حتى الآن، وفق «مرصد الأزمة» في الجامعة الأميركية في بيروت، إلّا أنّ بدل الإيجار يشكّل عبئاً على غالبية المُبلغين الذين عجز نصفهم عن تسديده.
اللافت أن بدلات الإيجار المتراكمة على عشرات المُبلغين وصل أعلاها إلى ستة ملايين ليرة، فيما تراوح قيمة إيجارات المُبلّغين غير القادرين على دفع إيجاراتهم بين 300 ألف ليرة ومليون، «من بينهم 4 مُبلّغين من المناطق المتضررة، تم إخلاء اثنين منهم». وأشار «المرصد إلى أن البلاغات أتت من أشخاص ينتمون إلى 12 جنسية مختلفة. وهذه المعطيات تشير الى «التدهور السريع الذي تمرّ به الفئات الأكثر استضعافاً في لبنان، ما يزيد بشكل واضح من هشاشة السكن في المناطق المتضررة وفي العاصمة ككل»، وفق مُعدّي التقرير.
مُنسّقة «المرصد»، المعمارية جنى حيدر، لفتت في اتصال مع «الأخبار»، إلى أنه لم يتم التطرّق حتى الآن إلى قضية السكن بشكل منفصل وواضح ويليق بهذا الحق في ظل الأزمة الراهنة، منبّهة إلى «أننا مُقبلون على كارثة ما لم يتم تدارك الوضع عبر إعداد سياسات سكنية. فحتى الآن، لم تُلقِ الأزمة الاقتصادية والمالية بثقلها الفعلي على قطاع السكن. ومع اشتداد الأزمة سنكون أمام واقع أصعب بكثير»
ورغم صدور قانون عقب تفجير المرفأ لحماية المناطق المتضررة وسكان الشقق المتضررة عبر منع إخلائهم، «إلا أن غالبية الإخلاءات التي تحصل سببها عدم معرفة المُستأجرين بحقوقهم أولاً، وخوف المستأجرين الأجانب من مواجهة المالكين والدخول معهم في نزاع ثانياً، ما يؤدي إلى تجاوز القانون».
وإلى الكرنتينا، ثمة أحياء، كالجعيتاوي ومار مخايل والبدوي والخضر، تعاني من «مزيج» من الأزمات؛ إذ تترافق آثار فجيعة المرفأ مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، «ما يجعلنا نرى بوضوح المآسي اليومية التي ينتجها غياب السياسات السكنية؛ فانعدام الخيارات السكنية الملائمة والمعقولة الكلفة أو المجانية وعدم وجود إجراءات جديّة لحماية السكاّن من الإخلاء في ظل الأزمات، باتا يمثّلان أكبر تهديد على الأمن السكني اليوم»، وفق «المرصد» الذي خلص في تقريره إلى أن سكّان المناطق القريبة من المرفأ «لم يتضرروا من التفجير فحسب، بل من خسارة مداخيلهم في التعبئة العامة ومن الانهيار الاقتصادي، ما دفع جزءاً كبيراً منهم الى ترك بيوتهم عنوة وتعذر تسديد إيجاراتهم المتراكمة»، لافتاً إلى أن «عبء بدلات الإيجار على الأمن السكني في مدينة تتعرّض لانهيارات متتالية وأكثر من نصف سكانها من المستأجرين، أصبح أمراً لا يمكن التغاضي عنه».