البطاقة الإجتماعية بدعة جديدة في أيدي السياسيين؟

نشهد يوماً بعد يوم، سلعة جديدة يتداولها السياسيون، لا بل يُتاجرون بها، وهي قرار رفع الدعم عن السلع الأساسية للبنانيين. إذ يتساءل ويتخوّف اللبنانيون أنفسهم، هل سيتوقف الدعم أم سيُستكمل؟ مرة أخرى، يقع الشعب اللبناني تحت رحمة السياسيين، لا سيما أرباب العائلات والأمهات، فضلاً عن أرباب العمل والموظفين.

علينا أن نعرف جميعاً، كيف يسير موضوع الدعم تقنياً. إنّ هذا القرار يُبحث ويُتفق عليه في مجلس الوزراء بعد توصيات وزير المال، بحسب موجودات المصرف المركزي من السيولة الأجنبية. علماً أنّه بعد الأزمة الكارثية، الإقتصادية والمالية، والنقدية، والتي هزّت لبنان، منذ نحو 20 شهراً، أصبح واقعاً أنّ موجودات «المركزي» من العملات الأجنبية، تراجعت بشكل مخيف، وباتت أرقامها متدنية جداً.

وفي حال تمّ إستكمال الدعم، فإنّه سيكون على حساب الإحتياطي المتبقّي في مصرف لبنان المركزي. ونُذكّر، بأنّ هذه الأموال ملك المودعين وكل اللبنانيين. ويُخيَّر اللبنانيون بين أن يتوقف الدعم وترتفع الأسعار الاساسية بشكل باهظ، وبين متابعة عملية الدعم من خلال ما تبقّى من أموالهم، التي لا تزال متوافرة في الإحتياطي المشار إليه.

تُفيدنا السلطة، ببدعة جديدة، أنّه في حال بقي الدعم قائماً، فإنّه سيكون عبر «بطاقة إجتماعية» تُوزع على المحتاجين. ونسأل أنفسنا، هل هذه البطاقات الإجتماعية ستُوزّع بالطريقة عينها التي وُزّعت فيها الحصص الغذائية الوهمية؟

إننا نتخوّف من أن يكون هذا الإختراع الجديد بين أيدي السياسيين، أهدافاً تُستعمل لإجبار الشعب اللبناني، كي يقرع أبوابهم من جديد، وأن تكون هذه البطاقة وسيلة إنتخابية وحزبية جديدة. إننا نُدرك تماماً، أنّ قسماً كبيراً من المواد المدعومة تُهرّب وتُسرّب خارج الأراضي اللبنانية، لكن وقف التهريب، ينبغي أن يكون من خلال ضبط الحدود والتحقيقات الشفافة، والملاحقات الأمنية المجدية، والمحاسبة والرقابة الفعّالة، وليس ببطاقة إجتماعية سيحصل عليها بعض المهرّبين أنفسهم ومن ثم يتابعون أعمالهم المشبوهة.

في النهاية، علينا أن نكون واقعيين، ونعترف بأنّ الدعم سيتوقف يوماً. علماً أنّ موجودات مصرف لبنان المركزي من العملات الأجنبية تنهار يوماً بعد يوم، وهي تُستعمل، بحسب ما قاله أخيراً وزير المال، وفق الحاجات الضرورية، مثل إقراض «كهرباء لبنان». وكلما وصلنا إلى حائط مسدود، يُخيّر اللبنانيون بين وقف الدعم، أو إستعمال الإحتياطي المتبقّي الذي هو ملكهم، أو الظلمة.

 

مصدرجريدة الجمهورية - د. فؤاد زمكحل
المادة السابقةقرار مفاجئ: بطاقات الدعــم بالدولار… والجواب القطري وصل؟
المقالة القادمةتونس تبدأ مفاوضات مع صندوق النقد