البطاقة التمويلية: 15دولاراً للفرد

البطاقة التمويلية صارت النفس الأخير الذي قد يسمح بإبقاء نصف الأسر اللبنانية على قيد الحياة (نحو 500 ألف أسرة). بعد التضخم المفرط الذي أدى إلى تآكل كل المداخيل، لم يعد يُرتجى من هذه البطاقة أكثر. فقط العيش. لكن حتى ذلك يبدو صعب المنال. فالبطاقة لا تهدف، فعلياً، إلى تعويض ما خسره أو سيخسره الناس من جرّاء إلغاء الدعم، بل يُراد منها بيع الوهم لهم، وشراء المزيد من الوقت، بانتظار حلول تقع في خانة المجهول، أو على الأرجح بانتظار تحويلها إلى رشوة انتخابية.

اليوم بعد أكثر من سنة ونصف، صارت الحكومة تملك تصوراً أولياً للمشروع، لكن الأوان قد فات، فلا الدولارات بقيت، بعدما استفادت منها مافيات المحتكرين، ولا رفع الدعم انتظر إقرارها، كما كان يؤكد رئيس الحكومة مراراً («لا رفع للدعم قبل إقرار البطاقة»). ما حصل أن الدعم رُفع وتُرك الناس فريسة تضخّم غير مسبوق، سيؤدي بهم إلى الجوع، إذا لم تُقر البطاقة اليوم قبل الغد، من دون أن يعني ذلك أن الآمال بالبطاقة كبيرة. هي البحصة التي ستسند الخابية لا أكثر. المشكلة الأساس أنه حتى بعد إنهاء اللجنة لعملها أمس وموافقتها على المسودة المقترحة، بعد إجراء تعديلات طفيفة عليها، فإن آلية التنفيذ لن تحتاج لأقل من ثلاثة أشهر (يفترض أن يملك المتقدم هوية شخصية، وعلى أن وزارة الداخلية أن تنجز الهويات قبل نهاية العام)، بما يعني الدخول في العام الجديد، عام الانتخابات.

بالنتيجة، فإن البطاقة، التي صار يوجد آلية للاستفادة منها، تستهدف 505000 أسرة، بعد أن استثنى القانون، الذي أقره مجلس النواب في 30 حزيران الماضي، المستفيدين من برامج أخرى، أي برنامج دعم الأسر الأكثر فقراً وبرنامج شبكة الأمان الاجتماعي، واللذين قُدّر عدد المستفيدين منهما بـ245 ألف أسرة. كذلك، خفض متوسط المبلغ الذي تحصل عليه كل أسرة من 136 دولاراً إلى 96 دولاراً بحجة توحيد قيمة المبالغ المقدمة من مختلف البرامج.

وبسبب الحجة نفسها، قررت اللجنة أمس، بناء على اقتراح وزير الشؤون الاجتماعية، تخفيض حصة الفرد من 18 دولاراً إلى 15 دولاراً، بما يجعل الحد الأدنى للمبلغ الذي تحصل عليه أسرة مؤلفة من شخص واحد 40 دولاراً (15 دولاراً نقداً للفرد زائد 25 دولاراً تحويلات تكميلية تخصص لشراء المواد الغذائية). لكن وفق هذه المعادلة، فإن الحد الأقصى لكل أسرة مؤلّفة من 6 أفراد سيكون 115 دولاراً، أي بما يقل بـ11 دولاراً عن الحد الأقصى الذي كان مقرراً. ولذلك كان المخرج، بإضافة 11 دولاراً للأسرة التي تضم فرداً يزيد عمره على 75 عاماً.

بحسب قرار اللجنة، سيُموّل البرنامج (قدرت كلفته بـ556 مليون دولار) من خلال إعادة توجيه نحو 300 مليون دولار من مشروع الطرقات والعمالة الممول من البنك الدولي، إضافة إلى 300 مليون دولار أخرى ستُقتطع من حقوق السحب الخاصة التي سيحصل عليها لبنان من صندوق النقد الدولي (860 مليون دولار). لم تحسم طريقة الدفع بعد، لكن اتفق على اعتماد واحد من ثلاثة خيارات هي:
– من خلال المصارف، على أن يتم تحويل مستحقات المستفيدين من البرنامج نقداً وتصرف من خلال أجهزة الصراف الآلي.
– من خلال شبكة تحويل الأموال المحليين و»ليبان بوست».
– من خلال خدمة «ويسترن يونيون» (يعتمد هذا الخيار على اتفاقية مبرمة بين ويسترن يونيون وبرنامج الأغذية العالمي، كما يتطلب تنازل الشركة عن رسوم يفرضها وكلاؤها المحليون قيمتها 2 في المئة من إجمالي المبلغ المحوّل).
وفي مجمل الحالات، ينص الاقتراح على أن يدفع «المكون الغذائي» (25 دولاراً لكل أسرة) عبر بطاقة إلكترونية مسبقة الدفع يمكن استخدامها عبر شبكة من المؤسسات التجارية المتعاقد معها من قبل برنامج الأغذية العالمي وعددها 520 متجراً.

مصدرجريدة الأخبار - إيلي الفرزلي
المادة السابقةنقابة أصحاب المطاعم والمقاهي: ماراتون لتلقيح العاملين والموعد يحدد لاحقا
المقالة القادمةفقدان المازوت يطفئ لبنان