التحذير الأخير… المصارف في مهبّ الثواب والعقاب في مواجهة الفساد

أثار الإجتماع الذي عقد بين وكيل الخزانة الأميركية براين ويلسون وجمعية المصارف مجموعة من الملاحظات المهمة. ففي الشكل لم تتجاوز مدة اللقاء الخاص 15 دقيقة، ما يجعل منه «أمر مهمة» أكثر منه لقاء تعارف وحوار. وقد تقصد المجتمعان تسريب اللقاء لايصال التعليمات إلى من يعنيهم الأمر من المسؤولين اللبنانيين على قاعدة «الحكي إلك يا كنة سمعي يا جارة». أما المضمون فكان أكثر أهمية.

اللافت بين سطور المحضر المسرّب عمداً، تحييد نيلسون لـ “المصرف المركزي” و “هيئة التحقيق الخاصة” (SIC)، عن الانتقاد. مع العلم، أنه لم يبقِ “ستراً مغطى”. وهو ما يفهم منه بحسب رئيس جمعية المكلفين اللبنانيين المحامي كريم ضاهر أنه “إبراء ذمة للهيئة و”المركزي”، قد يكون مبنياً على تعاونهما الوثيق”.

الواضح أن الخزانة الأميركية حمّلت عبر نيلسون المصارف اللبنانية مسؤولية كبيرة بالكشف والإبلاغ عن العمليات المشبوهة للأشخاص المعرضين سياسياً. ولا سيما أن هناك “نقصاً واضحاً في تحديد مصادر أموال وثروات هذه الفئة. يترافق ذلك مع إنكار المصارف أي علاقة معهم”. مع العلم، أنه في بعض الحالات “لا يمتلك السياسيون حسابات لدى البنوك اللبنانية فحسب، بل يمتلكون هذه البنوك أو يؤثرون عليها”، كما وصّف نيلسون الواقع بدقة.

برأي ضاهر. و”هنا أهمية التدرج الذي اعتمده نيلسون في خطابه، مترافقاً مع الترغيب والترهيب. فقد بدأ بالحديث عن أولوية مكافحة الفساد، من ثم الثناء على دور المصارف في إقصاء “حزب الله” عن النظام المالي مع التشديد على ضرورة إبقاء السيف مصلتاً عليه لعدم حصول خروقات، ليعود إلى الفساد مرة جديدة”. ولو أن نيلسون حاول إراحة المصرفيين بمعرفته بالضغوط التي يتعرضون لها، أو عدم إدراكهم في بعض الاحيان أنهم يقدمون خدمات للسياسيين. إلا أن هذا يجب ألا يكون عائقاً أمام التعاون في الأيام القادمة لوقف هذه الظاهرة والتبليغ عن كل العمليات المشبوهة”. وهو ما يحمل من وجهة نظر ضاهر “ترهيباً بفرض عقوبات قد تصل إلى حد إقفال المصرف، وترغيباً معطوفاً على دعم من الادارة لمجهود البنوك ودورها في مكافحة الفساد”.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةحمية أطلق الخطة الإستراتيجية لتفعيل وتعزيز دور مطار بيروت الدولي
المقالة القادمة“النقابات السياحية”: القطاع يعيش أسوأ أيامه