مقابل حرب السجالات السياسية والأمنية المندلعة والتي تترجم معالمها إقتصادياً في ارتفاع سعر صرف الدولار واسعار المحروقات… ظهرت سلسلة مؤشّرات بدت مشجعة. شركة “ألفاريز آند مارسال” بدأت التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، المفاوضات مع صندوق النقد الدولي انطلقت فنياً على أمل أن تبدأ رسمياً قبل بداية السنة، وخطّة الحكومة على ذمّة رئيس مجلس الوزراء ماضية في خطتها الإقتصادية وستنجز قريباً.
لكن على أرض الواقع، فإنّ تلك المعطيات قد تعوقها مطبات وثغرات. بالنسبة الى التدقيق الجنائي أجمع الخبراء الإقتصاديون على أنه لن يفضي الى نتيجة مفيدة اذا ما اقتصر التدقيق على مصرف لبنان فحسب ولم يطاول سائر المؤسسات العامة والوزارات، كما أنه لن يخرج بأي معلومات لا عن التحويلات الى الخارج ولا عن قيمة الودائع ولا عن حجم الهندسات المالية… إلا أن “نتيجته قد تكون ايجابية اذا تواءمت أرقام شركة التدقيق مع ارقام مصرف لبنان”، كما اكّد المستشار المالي والإقتصادي غسان شمّاس.
وبالنسبة الى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي فهي ستعتمد على عزم ومدى التزام الحكومة اللبنانية بالإصلاحات، وبإقرار الـ”كابيتال كونترول” وإعداد مشروع اقتصادي شامل في البلاد، وإعادة تأهيل القطاع المصرفي… أما بالنسبة الى خطة الحكومة الإقتصادية والتي يجب ان تنجز في اسرع وقت ممكن، “فمن الضروري انتهاؤها قبل شهر شباط وإلا تضيع مع حلول الإنتخابات النيابية في شهر آذار”، كما قال الخبير الإقتصادي والمالي مايك عازار.
وفي ما يتعلق بالتدقيق الجنائي عموماً فهو يذهب تقنياً “إلى أبعد من التدقيق المعروف بالمستندات والأرقام، وهو مسار يستمرّ لأشهر، ويصل إلى محاولة اكتشاف عمليات الغش والتزوير واختلاس الأموال العامة في حال حصولها”، كما أوضح رئيس منظمة “جوستيسيا” لحقوق الإنسان المحامي بول مرقص، لافتاً الى أنّ عملية “الإصلاح لا تقتصر فقط على عملية التدقيق الجنائي، وبالتالي يجب ألا يتم الربط بين التدقيق بحسابات المصرف المركزي وبين الإصلاح ككلّ، كما أنه لا يمكن حصر التدقيق في المصرف المركزي، بل عليه أن يشمل جميع الحسابات المشكو منها، سواء في مؤسسة كهرباء لبنان أم في الوزارات…”.