بينما تزداد التحذيرات من تعرض الاقتصاد الأميركي لإعصار عنيف نتيجة للتضخم، ذكر جيمس بولارد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في سانت لويس للصحافيين أنه «من السابق لأوانه» القول ما إذا كان التضخم قد بلغ ذروته، محذرا من أنه في الفترات الماضية، التي شهدت ارتفاعا في التضخم، تراجعت الأسعار لتعود أقوى مجددا.
وقال بولارد مساء الأربعاء إنه يعتقد بأن التضخم الحالي مستمر في «جانب كبير» منه وسيتطلب «إجراءات منسقة» من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي لخفضه. وأضاف أنه لدى المجلس في الوقت الحالي «خطة جيدة» لرفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في كل اجتماع.
لكن رغم التطمينات، وصف جيمي ديمون رئيس مجلس إدارة بنك جي بي مورغان تشيس ورئيسه التنفيذي التحديات التي تواجه الاقتصاد الأميركي بـ«الإعصار»، وحث مجلس الفيدرالي على اتخاذ إجراءات قوية لتجنب إيقاع أكبر اقتصاد في العالم في براثن الركود.
وتأتي تصريحات ديمون بعد يوم من لقاء الرئيس جو بايدن برئيس مجلس الاحتياطي جيروم باول لبحث التضخم، الذي يحوم حول أعلى مستوى له في 40 عاما. وقال ديمون في مؤتمر مصرفي: «إنه إعصار»، مضيفا أن الوضع الحالي لم يسبق له مثيل. ويتعرض مجلس الاحتياطي لضغوط لاتخاذ إجراءات حاسمة للحد من معدل تضخم يزيد ثلاثة أضعاف عن هدفه البالغ اثنين في المائة، وأدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بشدة على الأميركيين. وقال ديمون: «على الاحتياطي أن يلبي ذلك الآن برفع الفائدة والتشديد الكمي. أرى أنه لا بد لهم من اللجوء إلى التشديد الكمي. فلا خيار أمامهم لأن هناك قدرا كبيرا جدا من السيولة في النظام المالي».
وتستعد البنوك المركزية الكبرى، التي تخطط بالفعل لرفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، كذلك لانسحاب مشترك من الأسواق المالية الرئيسية في أول جولة على الإطلاق من التشديد الكمي العالمي المتوقع أن تقيد الائتمان وتزيد الضغط على الاقتصاد العالمي المتباطئ بالفعل. وأصبحت معركة التضخم النقطة المحورية في جدول أعمال بايدن لشهر يونيو (حزيران) وسط تراجع شعبيته وقبل انتخابات الكونغرس في نوفمبر (تشرين الثاني).
وهزت حالة عدم اليقين بشأن سياسة البنك المركزي الأميركي والحرب في أوكرانيا واضطرابات سلاسل التوريد لفترات طويلة بسبب (كوفيد – 19) فضلا عن ارتفاع عوائد الخزانة، أسواق الأسهم العالمية، حيث انخفض المؤشر ستاندرد آند بورز 13.3 في المائة منذ بداية العام.
ولا يتأثر بالتضخم الفقراء فقط، إذ قال أكثر من ثلث الأميركيين الذين يكسبون ما لا يقل عن 250 ألف دولار سنويا، إنهم يعيشون براتب الشهر (أكثر من 20 ألف دولار) بأكمله دون توفير، وينتظرون راتب الشهر الجديد، الأمر الذي يؤكد أن التضخم يلتهم قدرا أكبر من ميزانيات الأميركيين في جميع مستويات الأجور. ويخصص نحو 36 في المائة من العائلات الأميركية التي تجني أربعة أضعاف متوسط الأجر الأميركي تقريبا كل دخلها لنفقات المنزل، وفقا لدراسة أجراها موقع «بايمنت دوت كوم» وشركة «ليندينغ كلوب كورب». وقد أصبح معروفا بين جيل الألفية، الذين في منتصف العشرينات وحتى أوائل الأربعينات أن أكثر من نصف الأشخاص الأعلى أجرا في هذا الجيل يقولون إنه لا يتبقى لهم الكثير من المال بنهاية الشهر.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن بيانات مكتب الإحصاء الأميركي أن من يحصلون على 250 ألف دولار أو أكثر سنويا، يمثلون نسبة 5 في المائة الأعلى أجرا في الولايات المتحدة. واعتبرت شركة «ليندينغ كلوب» أن الحياة بمرتب الشهر حتى نهايته وانتظار مرتب الشهر المقبل لا يعني بالضرورة مواجهة مشكلات مادية، حيث رأت أنه يجب التمييز بين أولئك الذين يستطيعون دفع فواتيرهم بسهولة وبين الذين لا يستطيعون ذلك. وأظهرت الدراسة أن نسبة بسيطة، 10 في المائة من الأشخاص الأعلى أجرا، قالوا إنهم يواجهون مشكلات في تغطية نفقات منازلهم وعائلاتهم في أبريل (نيسان) الماضي.