التمديد للبلديات… تمديد للانهيار

تعاني البلديات من مشكلات مالية وإدارية أدّت إلى ترهلّها، ومع ذلك تبقى هي في الواجهة. فبعد تنحي بعض الوزارات عن مسؤولياتها، تضطرّ البلديات بإمكاناتها الضئيلة للتصدّي إلى أعباء جديدة كالتزفيت وتصليح شبكات الإنارة وغرف الكهرباء وصيانتها، وتوفير المحروقات لمحطات ضخّ المياه ورفع النفايات، إلخ. «الأخبار» تواصلت مع عدد من رؤساء البلديات، في العين، صيدا، انطلياس، بعلبك، فرن الشباك، قرنايل، والغبيري للوقوف على رأيهم في التمديد وسير العمل على ضوء الانهيار الحاصل.

عصر النفقات

«الناس لا ترى أمامها سوى البلدية. هي الدولة ببساطة. يحمّلونها وزر كلّ ما يتعلّق بتداعيات الأزمة الاقتصادية، وعليها تأمين كامل الخدمات من المياه والكهرباء ورفع النفايات أو تلقى اللعنات». هكذا يبدأ رئيس بلدية العين في البقاع الشمالي زكريا ناصر الدين حديثه، معترفاً أنه في ظلّ الظروف الحالية «نضطر أن ندير الأذن الطرشاء ونمضي في سياسة عصر النفقات لأن المستقبل مبهم». لكن عصر النفقات ليس أمراً سهلاً في مناطق «تطغى فيها مهمة تأمين المحروقات لضخّ المياه على العمل البلدي، خصوصاً بعدما توقفت مصلحة مياه البقاع عن إمداد المناطق بالمياه».

رفض التمديد

يرفض رئيس بلدية صيدا محمد السعودي التمديد، مذكراً بأن البلديات الكبرى أرسلت رسالة اعتراض عليه إلى مجلس النواب من دون جدوى. ويعلن أنه «إذا مدّدوا عمل المجالس البلدية مجدداً سأترك، فعمري 83 ولا يسمح بالاستمرار».

يؤكد السعودي أن «بلدية صيدا لا يمكنها أن تستمرّ إلا حتى نهاية هذا العام. في ظلّ عدم تحصيل أموال الصندوق البلدي المستقل التي تتآكل قيمتها أكثر فأكثر مع تدهور قيمة العملة، وفي حال لم يعطونا حقوقنا، ستقفل البلدية».

في هذا الإطار، يبدو السؤال عن مشاريع البلديات مثيراً للسخرية، إذ تأتي الإجابة عما كان يفترض القيام به «كان من المفترض إنشاء ثلاثة سناسيل، والاستمرار في تطوير المتحف الوطني والميناء التجاري. لكن كلّ الأعمال توقفت مع هبوط العملة الوطنية وبالكاد ندفع لموظفي البلدية الذين بقيت رواتبهم كما كانت قبل الأزمة مع إضافة بدل النقل. معدّل رواتب الموظفين بالكاد يساوي 50 دولاراً».

مهمات بسيطة

وهذا ما يؤكده رئيس بلدية انطلياس ايلي أبو جودة بقوله «توقفت البلديات عن تنفيذ المشاريع وعن التخطيط لأي أمور مستقبلية. وبالكاد تؤدي مهمات بسيطة. ومعظم المتعهدين يرفضون تنفيذ مهمات أو تلزيمات لصالح البلديات، حتى لو كانت البلدية تملك المال وذلك نتيجة عدم استقرار سعر الصرف». وهكذا توقفت في انطلياس تلزيمات كبيرة كاستكمال طريق الفوّار وإنشاء مبنى رياضي. برأيه «المفروض تعديل القوانين الراعية لعمليات الصرف والجباية بعدما فقدت العملة نحو 93% من قيمتها». يشير أبو جودة إلى أن «البلدية تؤمن الحاجات اليومية ضمن الإمكانيات المتاحة من صيانة طرقات وتأمين الأمن الاجتماعي ليلاً وتسهيل المرور وإتمام معاملات الموطنين».

بالكاد نرفع النفايات

ويختصر رئيس بلدية بعلبك فؤاد بلوق الأزمة بالقول «يمكن أن نتصوّر أن كلّ أماني بلدية مثل بلدية بعلبك أن تستمر في رفع الزبالة». مؤكداً أنه سيستقيل فيما لو حدث تمديد جديد للبلديات. «الدولة غير مهتمة، والمواطن لا يرى أمامه إلا البلدية ليحملها كل المسؤوليات، فيما نحاول بالشحادة تأمين المازوت لرفع النفايات».
البلدية التي استقال أربعة من موظفيها، يجهد بلوق ليؤمن رواتب الباقين بعدما فشل في «تأمين المساعدة الاجتماعية ورفع بدل النقل للموظفين».

بعض الحظ

بلدية فرن الشباك أمّنت المساعدة لموظفيها، بحسب رئيسها ريمون سمعان. أما أعمال البلدية فتقتصر على «بعض أعمال النظافة، قليل من تعشيب الحدائق، ترقيع حفرة». لافتاً إلى أن الناس لا تدفع الرسوم البلدية رغم أنها لا تشكل 1% من رسم المولد، الناس صار همها أن تأكل قبل أن تدفع».

تبدو بلدية قرنايل في هذه الظروف أوفر حظاً من غيرها. إذا تملك مشاعات من غابات الصنوبر «ضمّنتها بنحو ملياري ليرة لسنة 2021» بحسب رئيس البلدية مروان الأعور، الذي يشير إلى أن هذا المبلغ يؤمّن المعاشات وتكاليف الصيانة وإصلاح خطوط الكهرباء والهاتف والمياه والصرف الصحي. مع ذلك يؤكد الأعور أنه سيستقيل في حال جرى التمديد الذي يعني «أن البلديات كلها ستفرط».

على الخط الأحمر

بدوره يؤكد رئيس بلدية الغبيري معن الخليل أن البلدية صارت «على الخط الأحمر»، بالتالي ما نملكه من احتياطي وما هو متوقع من إيرادات لا يكفي لسنة إلى الأمام. تؤمن بلدية الغبيري مصاريفها من بعض الاحتياط الموجود في مصرف لبنان وهو لا يتعدى 19 مليار ليرة ومن بعض ما تجبيه، تصرفه فقط للأمور الطارئة وتأمين رواتب العاملين والموظفين. ويطالب الخليل الحكومة ووزارة المالية إعطاء سلف مالية للبلديات لتغطية الرواتب والزيادات التي طرأت لناحية المساعدات الاجتماعية وبدل النقل. عليه، فإن كثيراً من المشاريع ألغيت كلياً، مشيراً إلى أن البلدية تسعى مع بعض الجهات المانحة لتمويل مشاريع لها علاقة بالصحة والتدريب المهني المعجّل.

مصدرجريدة الأخبار - رحيل دندش
المادة السابقةبلدية بيروت «انتحست»: استقالات تمهيداً للتقسيم؟
المقالة القادمة«كهرباء لبنان»: إجراءات احترازيّة لتفادي العتمة الشاملة