التهريب إلى سوريا أكثر من التهريب منها

بالرغم من وقف الدعم عن المواد الغذائية في لبنان منذ 2021 وعن المحروقات 2022، الا أن بعض المواد الغذائية وعلى رأسها الزيت النباتي لا يزال تهريبه مستمراً الى سوريا وكذلك الامر بالنسبة الى البنزين، لأن اسعارها أقل في لبنان. يروي أحد تجار المواد الغذائية بالجملة لـ»نداء الوطن» أن «تهريب الزيت لا سيما زيت دوار الشمس والصويا، يتم من منطقتين هما عكار واقليم الخروب (بلدة داريا)، عبر تجار يتعاملون مع مهربين لبنانيين من منطقة الهرمل وعكار ينقلون البضائع الى الداخل السوري بالتعاون مع مهربين سوريين.

ويلفت الى أن «استمرار التهريب بالرغم من رفع الدعم عن المواد الغذائية وارتفاع رسوم الجمارك في لبنان، يعود الى أن اسعار الزيت في سوريا هي تقريباً ضعف السعر في لبنان، إذ ان سعر غالون الزيت (5 ليترات) 500 ألف ليرة لبنانية في حين أن سعره في سوريا يوازي 900 ألف ليرة لبنانية»، مشيراً الى أن «عمليات التهريب تتم بشكل يومي وعلى عينك يا تاجر، وتقودها مافيات كبيرة تهرب يومياً (من اقليم الخروب) نحو 5 شاحنات وكل شاحنة بسعة 600 صندوق، وكل صندوق يضم 20 غالوناً بسعة 5 ليترات والجميع مستفيد! فالبلد (لبنان) ممسوك من المافيات».

ويختم: «التهريب لا يشكل ضرراً على التجار اللبنانيين، لكنه أحد أبواب الضغط على شراء الدولار في السوق السوداء، والضرر الاكبر يقع على الاقتصاد السوري وحرمانه من عائدات الجمارك».

الكلام عن استمرار التهريب يؤيده الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين الذي يشرح لـ»نداء الوطن» أن «التهريب يرتكز في الفترة الحالية على الزيوت النباتية بسبب تقلص حجم استيرادها من قبل التجار السوريين، لذلك يتم استيرادها في لبنان وتهرّب الى سوريا، كما يهرّب البنزين اللبناني علماً أنه في سوريا مدعوم ورخيص الثمن، ولكن يحق لكل سائق سيارة 25 ليتراً كل 8 ايام، وفي حال زادت حاجته عن هذه الكمية فعليه الشراء من السوق الحرة والتي يبلغ السعر فيها نحو 14 ألف ليرة سوري»، مشيراً الى أن «الكثير من أصحاب السيارات في سوريا يعمدون الى بيع البنزين المدعوم الذي يحصلون عليه لزيادة مدخولهم، وكذلك يهرّب البنزين من لبنان (بكميات قليلة) الى سوريا لتغطية حاجة السوق الحرة هناك ولأن النوعية أفضل. لكن المعروض الاكبر في السوق السورية هو البنزين المدعوم».

يوضح شمس الدين أن «لا ضرر على التجار وعلى الاقتصاد اللبناني من عمليات التهريب الحاصلة، لأن التجار اللبنانيين يبيعون بالكاش، والخسارة تقع على الحكومة السورية لأن المهربين يدفعون للتجار اللبنانيين».

ويختم: «صحيح أنه يتم استخدام الدولار لشراء هذه البضائع، لكن العملة السورية يحوّلها التجار اللبنانيون الى دولار».

من جهته يشدد عضو «نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان جورج براكس لـ»نداء الوطن» على أنه «حتى لو ان تهريب المحروقات من لبنان الى سوريا قائم، فان الاستيراد يتم بالدولار من حساب الشركات المستوردة الخاصة، ومن دون اي دعم من مصرف لبنان أو الاقتصاد الوطني. وبالتالي سواء بيع داخل لبنان أو خارجه لا مشكلة طالما أنه يباع بالسعر الحر ومن دون دعم».

على ضفة التهريب من سوريا الى لبنان، يروي أحد ابناء بلدة شعث البقاعية لـ»نداء الوطن» أن «التهريب لم يتوقف يوماً بين البلدين وعمره من عمر الاستقلال، وهو أحد الشرايين التي تسمح لفقراء البقاع بشراء حاجياتهم بأسعار أقل»، شارحاً أن «الجديد الذي يطرأ على هذا الموضوع هو نوع البضائع المهربة، ففي زمن الدعم كانت تهرب البضائع المدعومة والمحروقات والطحين، أما اليوم ومع توقف الدعم فما يتم تهريبه هو البضائع التي ثمنها في لبنان أرخص مما هي عليه في سوريا، وحالياً أكثر البضائع المهربة هي البرغل والزيت والحطب، في المقابل يهرب من سوريا الى لبنان المازوت لأن سعره أقل من سعر المازوت اللبناني، وغالباً ما يستعمله الفقراء للتدفئة لأنه اقل جودة».

مصدرنداء الوطن - باسمة عطوي
المادة السابقة490 مليون دولار هي الزيادة التي اضيفت على كتلة الاحتياطي الاجنبي
المقالة القادمةبعد غياب تنبض الحياة من جديد في أسواق بيروت