حاولت الحكومة الجزائرية تحفيز الشركات بتقديم مجموعة من الحوافز وإزالة العراقيل المصرفية والجبائية بهدف دفع الاقتصاد وضبط مخطط مناولة لمساعدة الشركات المتعثرة على استعادة توازناتها.
تعكف الحكومة الجزائرية على تفعيل قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بإطلاق آليات جديدة تسمح بظهور المزيد من المؤسسات في الساحة الاقتصادية لتشمل مختلف القطاعات، بما فيها تلك المتصلة بالتكنولوجيات الحديثة واقتصاد المعرفة.
ورغم الفشل الذي لف طيلة السنوات الأخيرة بنمط مشروع تشغيل الشباب بسبب توظيفه في الأجندات السياسية وشراء السلم الاجتماعي، فإن حكومة عبدالعزيز جراد، عملت على مراجعة المشروع بدل الاستغناء عنه تماما، على أمل أن يكون رافدا كبيرا لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وفي هذا الشأن تصدر الملف أحد اجتماعات مجلس الحكومة، أين تم تغيير تسمية “الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب” إلى “الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية (إطلاق المشاريع)”، الى جانب رفع الصعوبات المواجهة لتطوير جهاز دعم إحداث النشاطات من طرف الوكالة وحاملي المشاريع، بهدف الوصول إلى ضمان ديمومة الـمشاريع الاستثمارية.
وقرر مجلس الحكومة إعادة تمويل المؤسسات الـمصغرة التي تعاني صعوبات مالية، واستبدال صيغة تنظيم الـمؤسسات الصغيرة من الـمكاتب الجماعية إلى صيغة تجمع الـمؤسسات الـصغيرة وذلك بإمكانية إيواء الـمؤسسات الـمصغرة في مناطق نشاط مصغرة ومتخصصة مجهزة بصيغة الإيجار بالنسبة لنشاطات إنتاج البضائع والخدمات.
وفي هذا الشأن قررت هيئة الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب، مسح غرامات التأخير وإعادة جدولة ديون المؤسسات المصغيرة التي استفادت من دعمها.
وصرح المسؤول في المديرية العامة للوكالة فاتح صيد، بأنه “تقرر ولأول مرة منذ إنشاء الوكالة إعادة النظر في جدولة ديون المؤسسات الصغيرة، وأنه سيتم إعادة جدولة ديون المؤسسات المصغرة المستفيدة من دعم دون فوائد ولمدة 05 سنوات”.
ولفت المتحدث إلى أنه، تم ضبط مخطط مناولة لمتابعة الشركات المتعثرة من أجل استعادة توازناتها، حيث سيوفر هذا المخطط مصادر تمويل تسمح لها بالوفاء بالتزاماتها تجاه الوكالة وتجاه البنوك التي مولتها.
وتعكس هذه التحركات رهان الحكومة على الشركات لتحفيز النمو ودفع الاقتصاد في ظل ضغوط تهاوي أسعار النفط والفاتورة الباهظة للوباء التي أربكت كافة محركات النمو.
وكان وزير المؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة نسيم ضيافات، قد وجه نداء للمؤسسات المتعثرة، بالتوجه مجددا إلى البنوك لمراجعة وضعية الديون العالقة، في خطوة تمهد إلى جدولة جديدة تفضي إلى سحب الشكاوى القضائية التي رفعت ضدهم في السابق لعدم احترام آجال التسديد.
وفي سياق متصل أعلن وزير المالية أيمن بن عبدالرحمان الخميس بالجزائر، عن حزمة من الإجراءات لفائدة المؤسسات المتعثرة، تتضمن “منح قروض استغلال وإعادة جدولة الديون البنكية والضريبية ومسح غرامات التأخير”.
وأوضح في ندوة صحافية مشتركة مع الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالمؤسسات المصغرة نسيم ضيافات، أنه “بعد جلسات حوار ماراثونية بين كل الأطراف الفاعلين، تم التوصل على مستوى وزارة المالية إلى مجموعة من الحلول للمشكلات المالية والضريبية والبنكية التي كانت تعيق استمرارية وديمومة المؤسسات المصغرة التابعة لوكالة تشغيل الشباب”.
وذكر بأنه “تم الاتفاق على تمويل دورة استغلال المؤسسات المتعسرة المندرجة في إطار هذا النظام، بحيث تتدخل البنوك حسب الحاجة وفقا للمعايير التنظيمية المعمول بها والمنصوص عليها في شروط منح القروض سارية المفعول، كما تم الاتفاق أيضا على إعادة جدولة القروض عن طريق إجراءات مبسطة مع مسح غرامات التأخير المتعلقة بها وخفض معدلات الفائدة تماما”.
أما في ما يخص المؤسسات التي تم تعويضها من طرف صندوق الضمان والتي تم حجز عتادها وبيعه من طرف البنوك، فقد تم الاتفاق على أن “الحقوق التي تحوزها البنوك على أصحاب المشاريع والمرتبطة بنسبة 30 في المئة من القرض البنكي غير قابل للتعويض من طرف صندوق الضمان، تحول إلى الصندوق والذي سيقوم بتحديد طريقة معالجة هذه المديونية مع أصحاب المشاريع”.
وبالنسبة للمؤسسات التي اختفت عن النشاط، فقد تقرر تعويض البنوك مع تحويل الحقوق المرتبطة بالقروض البنكية المتبقية والمستحقة إلى صندوق الضمان، والذي يكلف في الشروع في تحصيل الديون عبر جميع الوسائل التنظيمية، وهذه هذه الطريقة الأكثر نجاعة لمساعدة البنوك في استعادة حقوقها.
كما وقع اتخاذ قرارات رئيسية لمعالجة ديون تلك المؤسسات مع جهاز الجباية، حيث فتح المجال أمام إمكانية “تمديد الجدول الزمني لدفع الديون الجبائية إلى خمس سنوات بدلا من ثلاث، وتسريع وتيرة دراسة ملفات المنازعات الجبائية وتخفيف ضرائب المؤسسات تلقائيا وسحب الشكاوى الجزائية”.
وجدد وزير المالية أيمن بن عبدالرحمان، دعوته لكل المؤسسات المتعثرة، بسبب المشكلات الضريبية والبنكية للعودة إلى نشاطها، إلى التقرب للوكالات البنكية، من أجل مرافقتها مجددا لحلحة مشكلاتها والدفع بها إلى المساهمة التدريجية في تشييد الاقتصاد المحلي.
وعلق وزير المؤسسات الناشئة ضيافات، على الإجراءات الجديدة المرصودة من طرف الحكومة للمؤسسات المتعثرة، بالقول إنها “جدّ جريئة” و”غير مسبوقة” تعكس ما وصفه بـ”النوايا الصادقة للسلطات العليا تجاه المؤسسات المصغرة والتي توقف الكثير منها في سياق الصعوبات الاقتصادية للبلاد، وعدم الاستقرار السياسي الذي ميز العام 2019 ثم جائحة كورونا”.