ظلّ حجم “الاحتياطي” الهائل المنسي في أقبية المصرف المركزي، وطبيعته، لعقود طويلة رهن التقديرات، ولم يثر قلق المواطنين والاخصائيين إلا مع انكشاف “هرم بونزي”. وكما كل الملفات قوبل الكشف عن مصير الذهب بالتمييع حيناً والتأجيل أحياناً ولم يصدر الرد الرسمي، إلا بعد مطالبة النائب ملحم خلف “المركزي” في 8 حزيران بمعلومات عن احتياطي الذهب ومكان الاحتفاظ به، وإن طالته أية عمليات مالية. فردّ المركزي بكتاب رسمي مؤرخ في 20 حزيران بأن الموجودات الذهبية توازي 9222437.73 أونصة، منها 3707703.13 أونصة في الولايات المتحدة والباقي في لبنان. وأن مصرف لبنان لم يقم بأية عملية من أي نوع وشكل كان على هذه الموجودات الذهبية.
جواب المركزي المرسل بكتاب رسمي موقّع من الحاكم “يعتبر وثيقة رسمية لا تحتمل التشكيك ويتحمل مسؤوليتها الحاكم شخصياً”، بحسب النائب ملحم خلف. و”إذا كان هناك من أمر مثير للريبة، فسنذهب إلى التدقيق أكثر”. أما بخصوص إمكانية استعمال الذهب لاطفاء الخسائر أو الاستمرار بالدعم، فلفت خلف إلى أن “هناك قانوناً واضحاً يمنع التصرف بالذهب (القانون رقم 42/1986 الذي منع منعاً مطلقاً بيع ذهب مصرف لبنان بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلاّ بنصّ تشريعي يصدر عن مجلس النواب) ولكي لا يبقى هذا الهاجس مصدر قلق يجري العمل على إقتراح قانون يؤمن حمائية أكبر، من شأنها أن تبعد عن الذهب أي فرصة للرهن أو البيع أو التبادل أو خلافه”.
وفي الوقت الذي تقدّر فيه بعض المصادر امتلاك لبنان أكثر من 10 ملايين أونصة، أي بفارق حوالى مليون أونصة عن الرقم الذي أعطاه مصرف لبنان، وبقيمة قد تصل إلى 2 مليار دولار، يبرز السؤال عن مصير “الجردة” التي وعد بها المركزي، “فهذه الجردة التي بدأت في العام 2020 لم ينجز منها إلا حوالى 20 في المئة خلال العامين المنصرمين تحت أعذار مختلفة”، يقول مصدر متابع. هذا وكان حاكم المركزي قد أشار في اكثر من مناسبة إلى أن عملية الاحصاء دقيقة ومعقدة، نظراً لوجود أشكال مختلفة من القطع بأوزان وأحجام وعيارات مغايرة. وكان ينوى تكليف شركة دولية متخصصة للقيام بالمهمة توخياً الدقة، خصوصاً بعدما أعلنت إحدى الشركات المكلفة التدقيق في حسابات المركزي عدم اختصاصها في هذا المجال. وعليه فان السؤال المطروح هو إن كانت أرقام احتياطي الذهب الذي أعلن عنها المركزي ناتجة عن احصاءات عينية جدية أم هي نتائج آخر مسح أجري على الذهب في العام 1996؟! وهل من الممكن أن يكون مصير الذهب مشابهاً لمصير الودائع التي لم يبق أحد إلا وأعلن أنها محفوظة، فأتت النتيجة أنها على شاشات الحواسيب فقط. أسئلة كثيرة نابعة من انعدام الثقة أولاً، وعدم إبداء المركزي التعاون مع عمليات التدقيق خصوصاً المكلفة بها “ألفاريز آند مارسال”. وعدم رد وزارة المالية لغاية الآن على المطالبة بنسخ عن التقارير النهائية المودعة من شركتي التدقيق KPMG وoliver wyman رغم مطالبتها بذلك منذ مطلع حزيران الفائت.
وفي السياق أوضح نائب حاكم مصرف لبنان السابق محمد بعاصيري لـ”نداء الوطن” أنه لم يذكر في يوم من الايام رقم عدد الأونصات الموجودة في مصرف لبنان، اما الاعلان عن عدد اونصات الذهب الذي يملكها مصرف لبنان فيعود الى حاكم المصرف.