لم يكبح تدني احتياطي العملات الأجنبية في مصرف لبنان عن خط “التوظيفات الإلزامية” الأحمر، جماح السلطة النهمة. فما زالت “تفبرك” مشاريع الدعم المباشر عبر البطاقة التمويلية، وغير المباشر عبر دعم السلع والمنتجات، بناء على ما تبقى من هذه التوظيفات. ضاربة بعرض الحائط الحقوق الخاصة التي يكفلها الدستور، ومعرضة البلد إلى خطر العجز عن النهوض من جديد.
الأمر الذي أصبح يتطلب آلية مواجهة جديدة، وضع أسسها رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع. حيث ناشد المودعين التقدم بطلبات حجز احتياطي على التوظيفات الإلزامية العائدة للمصارف في مصرف لبنان أمام دوائر التنفيذ المختصة.
مخاطر المس بالتوظيفات الإلزامية لا تنحصر بتآكل حقوق المودعين، وارتفاع نسبة الهيركات على السحوبات، وتقويض فرص قيام الإقتصاد… إنما تتعداها، بحسب الإقتصادي د. روي بدارو، إلى الأمن والسياسة. فـ”مع انتهاء الإحتياطيات لا يبقى في “ميدان” الإقتصاد إلا “حديدان” دولارات “حزب الله” وجماعته، المحفوظة في الخزنات. ما يتيح الإستفراد والتحكم بشكل مطلق بمقدرات البلد وسياساته الداخلية والخارجية. من هنا فان التصدي لهذه العملية الممنهجة يتطلب “أوسع حملة مشاركة وتضامن وطني من قبل المودعين اللبنانيين، وإلا فان فرص النهوض من جديد تصبح معدومة”.
دعوة رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لاقت آذاناً صاغية عند بعض مجموعات ثورة 17 تشرين. فاستلقفتها مُؤسِسة منصة “بيراميد” Pyramid د. سوزان سرباي، وأطلقت حملة موازية تحت سقف “الإئتلاف الوطني اللبناني” لاستقطاب أكبر عدد من المتضررين لرفع الدعاوى.
المحامي شوكت حولا المكلف من الإئتلاف متابعة ملف الدعاوى أكد أن “هذا الحل ليس سهلاً، ولو كان كذلك لطبق في الفترة السابقة، إلا أنه في هذه الظروف أصبح أكثر من ضرورة لحماية المودعين الذين يتعرضون لكافة أنواع الغبن والظلم”. حولا الذي قال ان أعداد المتقدمين إلى رفع الدعاوى كبيرة، شدد على سرية الأسلوب القانوني المنوي اتخاذه حماية للمودعين ومنعاً لاقفال حساباتهم، وإعطائهم شيكات مصرفية لا إمكانية لسحبها نقداً أو فتح حسابات جديدة بها.
نجاح حملة الحجز الإحتياطي على التوظيفات الإلزامية في مصرف لبنان قد يعرض من الجهة الاخرى البطاقة التمويلية للفشل. فالإتكال في مشروع البطاقة هو على تحويل مصرف لبنان مبلغ 1871 مليار ليرة إلى 1235 مليون دولار على سعر صرف 1515. ما يعني استعمال أكثر من ألف مليار جديدة من أموال المودعين، وهو ما يعتبر أمراً مرفوضاً بحسب بدارو، أحد مهندسي البطاقة الأساسيين.