الحدود اللبنانية ـــ السورية: رزق المهرّب «عَ المضطرّين»

ليس جديداً الحديث عن الدخول والخروج غير الشرعي بين سوريا ولبنان، وليس خافياً على أحد سهولة التهريب بين هذين البلدين بوجود الكثير من الاختراقات لحدود تمتد على مسافة 375 كيلومتراً. غير أن امتهان هذا المجال نشط في الفترة الأخيرة وانتعشت أسعاره نظراً الى زيادة الإقبال عليه، وخاصة بعد جائحة كورونا وما فرضته من تقييد معنوي ومادي على الحدود النظامية، بالإضافة إلى قرار الحكومة السورية فرض تصريف مبلغ 100 دولار على السوريين ومن في حكمهم عند دخول أراضيها، فازداد رزق المهربين من تحت الشريط الحدودي، ومن فوق القانون أيضاً الذي لم ـــ ويبدو أنه لن ـــ يتمكن من ضبطهم.

من الواضح مدى صعوبة دخول شخصٍ جديدٍ إلى «باب رزق» مهنة التهريب، فـ«أهل مكة» ليسوا فقط أدرى بشعابها، بل لا يسمحون لغيرهم بدخول هذه الشعاب؛ غير أن هناك من يرى في هذا العمل «غاية وحلماً» فيتقرّبون من أربابه حتى ولو بـ«السمسرة». كانت المرة الأولى التي يقطع بها الشاب «س. ع.» (24 عاماً) الحدود اللبنانية من معبر العريضة إلى سوريا تهريباً، من أصعب المواقف التي تعرض لها في حياته، لما حمله من قلقٍ وخوفٍ كبيرين في وقت مجموعه لا يتجاوز الساعة الواحدة، رغم أنه اختار الطريق الأسهل والأغلى أجراً (وفق الأسعار المتعارف عليها)، وبعد ذلك اعتاد ـــ إلى حدٍ ما ـــ على الرحلة التي خاضها عدة مرات خلال السنوات الأربع التي قضاها في لبنان لإنهاء فترة السفر الخارجي بغية دفع بدل الخدمة الإلزامية في بلاده.

لكن الأمر لم يقتصر على ذلك، بل عمد الى توطيد علاقته مع أحد المهرّبين على الجانب السوري، وعند عودته إلى سوريا بدأ العمل سمساراً لجلب الزبائن له، والحصول على ما يستطيع من مالٍ «حسب شطارته» فوق السعر المحدد له من قبل المهرّب، ويقول لـ«الأخبار»: «يومياً هناك 4-5 دفعات من الأشخاص يدخلون أو يخرجون من الحدود اللبنانية بشكل غير شرعي، يتفاوت عدد الأشخاص في المجموعة الواحدة بين 5 إلى 15 شخصاً حسب ظروف كل رحلة، يتم تبادل الأشخاص بين المهرّبين السوريين واللبنانيين في نقاط محددة ومواعيد متفق عليها بينهم مسبقاً لسهولة إتمام العملية».

ليس كل من يقطع الحدود بطريقة غير شرعية يقطعها بظروفٍ صعبةٍ وقاسية، فهناك من تُمهد لهم الطرقات «على البارد المستريح» وينتقل من بلد إلى آخر كأنه في رحلة خمس نجوم، وذلك يعتمد على الجهة التي يقع عليها خياره في عملية التهريب. مصدر في الهيئة العامة للجمارك، رفض التصريح عن اسمه، أشار إلى وجود 136 معبراً غير شرعي بين سوريا ولبنان، وإلى أن ضبط هذه المعابر مهمة مستحيلة وبحاجة إلى جيش كامل لمنع حدوث أي حالات تهريب. ويُرجع المصدر السبب الرئيسيّ «لانفلات» الحدود بين سوريا ولبنان إلى أن «المهربين هم من أبناء القرى الحدودية التي يتم التهريب عبرها ولا يفصل بينها أكثر من دقائق مشياً على الأقدام، وهم يعرفون الطرق الواصلة بين القرى أكثر من جهات الدولة الموجودة هناك، ويدخلون ويخرجون بحجة زيارة الأقارب على اعتبار وجود علاقات عائلية متينة بين أبناء تلك القرى، بالإضافة إلى عدم وجود نقاط تفتيش أو حواجز عند بعض الطرق الفرعية»، نافياً كل ما يشاع حول وجود اتفاقات مسبقة بين عناصر الحدود والمهربين.

 

مصدرجريدة الأخبار - لمى علي
المادة السابقةأزمة المحروقات: المستودعات قنابل موقوتة تنتظر «تكّة ديجانتير»!
المقالة القادمةموسم الأعراس: الزفّة حلمٌ دونه كورونا والدولار