فتح قرار وزارة الطاقة والمياه تمديد الموعد النهائي للشركات، لتقديم عطاءاتها للحصول على حقوق التنقيب عن النفط والغاز في حقول بحرية ضمن جولة التراخيص الثالثة، الباب أمام طرح مجموعة من الأسئلة حول تأثير الواقع في المنطقة على هذا الملف، الذي كان اللبنانيون يعولون عليه كثيراً، في سياق السعي إلى التخفيف من تداعيات الأزمة الاقتصادية التي انفجرت في العام 2019.
بحسب القرار الصادر عن الوزارة، سيصبح الموعد النهائي هو 17 آذار 2025، بدلاً من الثالث من تموز الحالي، ويشمل تسع مناطق بحرية، في حين كان أول موعد لتقديم العطاءات كانون الثاني، بينما لا تزال السلطات اللبنانية تنتظر تسلمها من شركة “توتال” تقريرها عن نتائج حفر البئر الإستشكافي الأول في البلوك رقم 9.
في هذا السياق، تفيد مصادر “النشرة” بأن هذا الملف كان من الطبيعي أن يتأثر بالأوضاع القائمة على مستوى المنطقة، لا سيما أنّ الشركات الكبرى لا تذهب إلى المخاطرة بإستثمارات بهذا الحجم في ظل هكذا أجواء، لكنها توضح أن قرار التمديد الجديد لا يرتبط فقط بهذا العامل، بل أيضاً يمنح مجالس إدارات الشركات، التي قد تكون مهتمة، الوقت، لأن تضع هذا الأمر ضمن موازناتها للعام المقبل، بعد أن تكون الصورة قد توضحت على مستوى مستقبل الأوضاع.
وتشير هذه المصادر إلى أن من الصعب تصور وجود من سيذهب إلى الإستثمار في هذا الملف قبل إنتهاء الأعمال الحربية، وبالتالي، سواء كان هناك من قرار بهذا الأمر أم لا على المستوى السياسي، فإن مصيره متوقف في الوقت الراهن، إلا أنها تشير إلى أنه بعد التسوية الملف سيعود إلى مساره الإيجابي.
بعد أيام قليلة من عمليّة “طوفان الأقصى”، في السابع من تشرين الأول، برزت معالم التأثير على هذا الملف، من خلال ما أحيط بالواقع المتعلّق بالبلوك رقم 9، الذي كان جزءاً من إتفاق ترسيم الحدود البحريّة، نتيجة مفاوضات طويلة لعب فيها المستشار الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين دوراً كبيراً.
وتفيد معلومات “النشرة” بأن شركة “توتال” كان من المفترض أن تقدم تقريرها حول نتائح الحفر الإستشكافي الأول في البلوك رقم 9، لكنها لم تقم بذلك حتى الآن، وهي تأخرت أكثر من اللازم، بالرغم من أنّ الإتصالات أو المفاوضات معها بهذا الشأن لا تزال قائمة، وتتضمن حثها على الذهاب إلى حفر بئر إستكشافي ثانٍ، حيث تشير إلى أن مدة الاستشكاف الأول تنتهي في شهر أيار من العام المقبل، وبالتالي الشركة مجبرة على الذهاب إلى حفر بئر ثانٍ في مدة الإستكشاف الثاني، لكن المساعي قائمة لعدم إنتظار ذلك.
على هذا الصعيد، توضح مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان، في حديث لـ”النشرة”، أن المسألة لا تتوقف فقط على العامل الأمني أو العسكري، بل هناك مجموعة من العوامل الأخرى المؤثرة بشكل أكبر ربما، وتلفت إلى أن هذه الجولة كان من الواضح أنها ستؤجل، بعد أن إنضم هذا العامل إلى العاملين الإقتصادي والمؤسساتي.
وفي هذا المجال، تشير هايتيان إلى المخاطر الإقتصاديّة وعدم إنتظام المالية العامة وغياب الرؤية للنهوض، بالإضافة إلى المخاطر المؤسساتية التي تتمثل في غياب رئيس الجمهورية ووجود حكومة تصريف أعمال وإدارة شبه معطلة، وتلفت إلى أن ما ينبغي التنبه إليه في هذا المجال أن هذا القطاع مكلف ويحتاج إلى تخطيط طويل الأمد، خصوصاً أن أي مستثمر عندما يفكر بالإستثمار يدرس الأمر من كافة النواحي.
في المحصلة، الأجواء الحربيّة في المنطقة، منذ السابع من تشرين الأول الماضي، زادت من تعقيدات ملفّ التنقيب عن الغاز في لبنان، مع العلم أن أهمّية هذا الملفّ قادت إلى تعيين الولايات المتحدة المسؤول عن إتفاق ترسيم الحدود البحريّة، أيّ هوكشتاين، متابعة التطورات المتعلقة بالجبهة الجنوبية.