أكّدت شخصيّة شاركت في إنضاج قرار تعليق دفع سندات “اليوروبوندز”، أنّ “مرحلة الدلع انتهت، وعلى الجميع أن يعرفوا أنّ مرحلة جديدة بدأت بكلّ ما ستفرضه من خيارات وسلوكيّات غير مألوفة”.
ولفتت إلى أنّ “قرار الإمتناع عن تسديد مستحقات “اليوروبوندز” كان صعبًا، لكنّه في الوقت نفسه كان الشرّ الّذي لا بدّ منه لتفادي ما هو أسوأ”، موضحةً أنّ “الدولة اللبنانية وَجدت نفسها أمام خيارَين حصرًا، فإمّا أن تطلق النار على رأسها من خلال تسديد استحقاق 9 آذار، وبالتالي تعريض مواطنيها لخطر انهيار آخر خطوط الدفاع عن أمنهم الاجتماعي، وإمّا أن تطلق النار على قدمها عبر تعليق السداد مع ما يعنيه ذلك من بقاء فرصة أمامها للعلاج والشفاء، ولو أنّها ستضطر إلى استخدام العكّاز حتّى تنتهي فترة مداواتها”.
وكشفت الشخصيّة المطّلعة أنّ “بعض الدائنين كان قد أبدى نوعًا من المُكابرة في التعاطي مع عزم الحكومة الإمتناع عن سداد الدين، وأصَرّ على تحصيل جميع مستحقاته، فيما أظهر دائنون آخرون مقدارًا مقبولًا من الواقعيّة والبراغماتيّة في مقاربة الواقع المُستجِد”. وركّزت على أنّ “المطلوب من الجهات الدائنة أن تتواضع بعض الشيء على قاعدة حصر الخسائر، وأن تتفهّم الضرورات الّتي دفعت لبنان إلى اتخاذ هذا القرار، علمًا أنّ الحكومة محتاطة لكلّ الإحتمالات، وتتحسّب لإمكان أن تلجأ جهات أجنبيّة دائنة إلى مقاضاتها دوليًّا، وهو سيناريو سيتسبّب في “دَربكة قانونيّة” للدولة اللبنانية، ولكن لن تكون له على الأرجح نتائج عمليّة، لأنّ الاملاك الّتي قد تكون موضع ملاحقة تحظى بالحصانات الضروريّة”.
وأشارت إلى أنّ “قرار تعليق الدفع وما سيليه من خطّة شاملة إنّما سيؤدّي إلى تغيير وجه لبنان الاقتصادي والمالي، بعد سنوات طويلة من “التحنيط” المُخالف لشروط الاقتصاد العصري والمنتج”، مشدّدةً على أنّ “القوى السياسيّة يجب أن تدرك أنّ لحظة الإيفاء بفاتورة الإصلاحات قد حانت، ولم يعد ينفع التمادي في الهروب إلى الإمام بل إلى المجهول”. وبيّنت أنّ “القوى الداخلية ستكون بين حدَّين: القبول بالتنازل عن المحميات والمكتسبات الفئويّة داخل الدولة في مقابل أن تحمي وجودها ومستقبلها، أو المجازفة باحتمال أن ينهار عليها السقف المُتداعي وتخسر كلّ شيء”.
كما رأت أنّ “بعد وقوع المحظور، المتمثّل في التعثّر المالي للدولة، لم يعد هناك ما يمكن الخوف منه، وعلى الحكومة أن تستكمل كسر “تابو” الديون بكسر محرّمات مكافحة الفساد وتحقيق الإصلاحات على الصعد كافّة”.