أعطت حكومة الرئيس حسان دياب في الأيام الماضية انطباعاً سيئاً عن إدارتها للمرحلة، نتيجة تخبّطها إزاء ملفات عدة، بدلاً من أن تُركّز جهودها على وضع خطّة تُحاكي حالة الطوارئ الصحية في البلاد
بعدَ أقل من شهرين على نيْل حكومة الرئيس حسان دياب ثقة مجلس النواب، وإمساكِها بكرة النار المالية، مدشّنة خطواتها بوقف دفع جميع سندات «اليوروبوندز» بكل إصداراتِها، انزلقت إلى اشتباك سياسي على خلفية ملفات عدة، من التعيينات مروراً بمشروع القيود على الودائع والتحويلات («كابيتال كونترول»)، وصولاً إلى كيفية مُحاربة الوباء، مُعطية انطباعاً سيئاً عن إدارتها في مرحلة مُشرّعة على مخاطِر مالية وصحية. فبينما ترتِفع حصيلة الإصابات بفيروس «كورونا»، ظهرت إشارات غير مُطمئنة يعكسها تخبّط الحكومة إزاء ملفات حسّاسة، وتظهر معها بأنها ليسَت على قدر المسؤولية. فهي بدلاً من أن تُركّز جهودها على وضع خطّة تُحاكي حالة الطوارئ الصحية في البلاد، مع ما يرتبِط بها من تداعيات اجتماعية ومعيشية واقتصادية، تعاملت مع مسألتين مهمتين بقدر من الاستخفاف.
الأولى تتعلّق بالخلاف على مشروع «الكابيتال كونترول» الذي سحبه وزير المال غازي وزني عن طاولة مجلس الوزراء، على وقع الفيتو الذي وضعه رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله، لأن الصيغة المطروحة تهدف إلى حماية المصارِف لا المودعين.
أما المسألة الثانية، فتتعلق بطرح تعيينات نواب الحاكم الأربعة ولجنة الرقابة على المصارف من دون أي تفاهمات مسبقة، أو وفقَ تفاهمات ثنائية بين دياب وفريق رئيس الجمهورية، وهو ما عبّر عنه رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، الذي أعلن أنه «يجري استغلال انتشار فيروس كورونا لتهريب التعيينات وإمرار الصفقات، لا نريد حصّة، ولكن نتمنى تأجيل الاستحقاق الخلافي وغير الضروري حالياً للوصول إلى تعيينات شفافة»، ملوّحاً بالخروج من الحكومة.
وفي هذا الصدد، كانَت لافتة الزيارة التي قام بها دياب الى عين التينة، عشية جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس، وذلك على إثر الحديث عن استياء رئيس المجلس من تراجع دياب عن تعهده بإعلان حالة الطوارئ، ولتوحيد الجهود للتصدي لمخاطر الوباء. كذلك للنقاش في أمر التعيينات والكابيتال كونترول. وعلمت «الأخبار» أن لقاء بري دياب، سبقه لقاء بين رئيس الحكومة ووزير المال السابق النائب علي حسن خليل الذي أبلغه موقِف عين التينة من مشروع الـ«كابيتال كونترول» مؤكداً أن «الرئيس بري لا يرى ضرورة منه بصيغته المطروحة، لأنه يقدّم خدمة للمصارف، ويحميها من الملاحقة القانونية».
وسأل دياب خليل: «لماذا لم يُكن الوزير غازي وزني واضحاً في هذا الأمر منذ البداية؟». وفيما جرى تجاوز «الخلاف» بين رئيس المجلس ووزير المال في عين التينة، قالت مصادر مطلعة إن «ملف التعيينات جرى طرحه من دون دراسة وعلى عجل من قبل دياب، وقد تم الاتفاق على سحبه من التداول الآن إلى حين درس بعض الأسماء». وأشارت المصادر إلى أن «حزب الله وحركة أمل لم يتفقا بعد على اسم لنائب الحاكم، وأن الأسماء التي تم تداولها في الإعلام هي من عوّمت نفسها»، لافتة إلى أن الاتجاه في شأن لجنة الرقابة على المصارف «هو اختيار اسم جديد بدلاً من عضو اللجنة أحمد صفا، على الرغم من تفضيل الثنائي إعادة تعيينه. لكن توجّه الأفرقاء الآخرين الى استبدال كل الأعضاء، دفع بحزب الله وحركة أمل إلى البدء بوضع مجموعة أسماء للاختيار من بينها».
في سياق آخر، كانت لافتة استفاقة كتلة «المستقبل» أمس التي حذّرت من «مخطط غير بريء لإمرار تعيينات في مصرف لبنان ولجنة الرقابة تحت جناح الكورونا»، معتبرة أن «التعيينات تلبي رغبات فريق سياسي لطالما حاول وضع اليد على هذا المرفق الوطني والاقتصادي الحساس». وقالت الكتلة في بيان لها إن «هناك مواقع في الدولة وفي مصرف لبنان تحديداً، لن نرضى أن تكون لقمة سائغة لأي جهة سياسية مهما علا شأنها، وإن أي محاولة للتلاعب فيها أو تقديمها هدايا مجانية لهذا الطرف أو ذاك لن تمر مرور الكرام، وسيكون لنا تجاهها ما تستحق من مواقف وقرارات». موقِف «المستقبل» لا يُمكن فصله عن حملة الضغوط الأميركية التي تمارس لإعادة تعيين النائب الثالث لحاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري (المنتهية ولايته منذ أشهر)، باعتباره الوديعة الأميركية في المجلس المركزي لمصرف لبنان.