لن يخرج العمال والموظفون والمستخدمون في القطاعين العام والخاص رابحين من معركة تصحيح الأجور. فالحلول المجتزأة التي تناسب الدولة والقطاعات الإنتاجية والخدماتية قد لا تتقاطع بالضرورة مع مصالحهم، حتى ولو كانت قانونية ومنطقية. ومن هذا المنطلق تولد عن كل إجراء إيجابي مجموعة من النتائج السلبية.
المؤسسات الخاصة بدأت التفكير جدياً بحلول تجنّبها تجرع كأس رفع بدل النقل المر من 8 آلاف ليرة إلى 64 ألفاً لكل موظف عن كل يوم عمل. فبادر بنك بيروت والبلاد العربية BBAC مثلاً إلى إعلام موظفيه بمذكّرة إداريّة عن تأمين المصرف باصات لنقل الموظّفين إلى مركز العمل الرئيسي، ابتداءً من أوّل تشرين الثاني المقبل. هذا الإجراء الذي من المتوقع أن ينسحب على الكثير من المؤسسات الخاصة، وتحديداً المصرفية منها، لكونها تمتلك أكثر من 1000 مركز عمل وتضم حالياً نحو 22 ألف موظف، يسلب المستخدمين حقّ بدل النقل والمزايا التي ترافقه.
وبحسب خوري فان “الموظف سيخسر من تعويض نهاية الخدمة الفرق بين بدل النقل المقر رسمياً (8 آلاف ليرة، وارتفع إلى 24 ألفاً هذا الشهر) وبين ما يتقاضاه كبدل نقل على أساس الاتفاق بين النقابة والمصارف باعتماد سعر 240 ألف ليرة لصفيحة البنزين عن شهر تشرين الاول. فمثلاً من يأتي من مسافة بعيدة يحق له شهرياً بـ 10 صفائح بنزين بقيمة 2 مليون و400 ألف ليرة في حين أن بدل النقل الرسمي عن 24 يوم عمل يبلغ 576 ألف ليرة. وهذا الفرق يحتسب من أساس راتبه، ويضاف في التعويض النهائي.
من جهة ثانية يلفت خوري إلى أن “هناك الكثير من موظفي المصارف يقلّون معهم أولادهم إلى مدارسهم، أو زوجاتهم وأزواجهم في طريقهم إلى عملهم ذهاباً وإياباً. وإلزامهم بالنقل المشترك للمؤسسة يحرمهم من فرصة توفير ملايين الليرات شهرياً”. ذلك أن كلفة نقل التلميذ الواحد تصل شهرياً إلى مليون ليرة لمسافة لا تتعدى عشرات الكيلومترات. وعلى هذا الأساس يصبح الراتب الشهري لبعض موظفي المصرف الذي يبلغ في المتوسط 3 ملايين ليرة لا يكفي لارسال أولادهم إلى مدارسهم. “القرار بإلزام الموظفين باعتماد النقل الذي تؤمنه المؤسسة يأتي في الوقت الذي بدأ فيه موظفو المصارف يعانون من توسع عمليات الصرف، وتحوّلها خلال الأشهر الأخيرة إلى إلزامية وتعسفية، وبعروض زهيدة لا ترقى إلى ملامسة الوضع المعيشي الذي وصلنا إليه”، يقول خوري.
منذ تشرين 2019 حتى اليوم صرفت المصارف أكثر من 4000 موظف وقد يزداد الرقم نتيجة عمليات الهيكلة، وهذا أمر مفهوم. “إلا أن ما لن نسمح به ونتركه يتحول إلى قاعدة هو الصرف التعسفي الذي بدأ يطل برأسه من بوابة بعض المصارف”، يقول خوري. مؤكداً على مواجهته “بكل ما أتينا من عزم وقوة. وهذا ما سيظهر في النصف الثاني من الشهر القادم من خلال مجموعة من التحركات”. متسائلاً إن كانت البنوك تتعامل مع من أفنوا عمرهم في خدمتها بهذه الطريقة فكيف ينتظر منها انصاف زبائنها وائتمانها على جنى عمرهم وبالتالي إعادة الثقة بها؟”.