اعتبر الخبير المالي وليد أبو سليمان أنّ الأزمة الاقتصادية تولد أزمات اجتماعية التي من شأنها أن تولد الثورات، حيث يمكن القول إن لبنان انتقل من الأزمة الاقتصادية إلى الأزمة الاجتماعية الصاخبة التي تعكسها التحركات الاعتراضية في الشارع والاضرابات، مشيراً إلى أن الوضع لم يبلغ حالة اليأس ولا يزال الأمل موجوداً شرط حصول اصلاحات جدية تؤدي الى وقف الهدر والفساد.
وقال إن اضراب موظفي مصرف لبنان ترك تأثيره على السيولة كون المصرف المركزي هو الذي يمد المصارف بالنقود، لكن هذا لا يعني أن السيولة مفقودة لأنها لا تزال موجودة، ولا مبرر للذعر الذي أصاب المودعين، وجلّ ما حصل هو أن الاضراب شلّ حركة نقل النقود، وبالتالي لا بدّ من التأكيد أن السيولة في المصارف لا تزال محفوظة والعملة الوطنية ثابتة.
وأكد أن النظام المالي اللبناني مدولر ما يعني أن أكثر من 70% من الودائع في الدولار فيما النسبة المتبقية والتي تبلغ قيمتها 40 إلى 50 مليار دولار فهي موجودة في مصرف لبنان ضمن احتياط العملات الأجنبية والتي تخول المصرف المركزي امتصاص كل عرض لليرة، إلى حد كبير، قد يتخطى الـ80% من الكتلة النقدية، بهدف الدفاع عن العملة الوطنية وحمايتها. اذا لا انهيار لليرة.
وشدد على سياسة تثبيت سعر الصرف لا تزال قائمة، وبالتالي إن الودائع المصرفية هي بمنأى عن الانهيار، مشيراً إلى أن مقارنة الأزمة اللبنانية بالأزمة اليونانية ليست في محلها كون معظم الدين اللبناني داخلي لمصلحة المصارف وليس خارجياً، كما أن الودائع في المصارف اللبنانية تفوق ثلاثة أضعاف حجم الناتج المحلي، ما يعني أن هذه الودائع هي بمثابة سيولة وهو أمر فريد من نوعه عالمياً، وهذه السيولة موجودة لدى المصارف، فيما الاحتياط الذي يطلبه مصرف لبنان من المصارف الى جانب الملاءة يكفيان لسداد أي دين أو دفع أي ودائع قد يطلبها المودعون.
ونفى وجود أي خطر على القطاع المصرفي الذي أثبت نموه، ولو أن نسبة النمو ليست في الوتيرة ذاتها، وإنما لا يزال يتمتع بمصداقيته وهو بمنأى عن أي اضطرابات اقتصادية ومالية.
ولفت إلى أنّ اضراب موظفي مصرف لبنان سبب الهلع لدى المواطنين خصوصاً وأنّ بورصة بيروت انضمت للاضراب على رغم محدودية أعمال تداولاتها، إلا أنّ الأمر أدى مما لا شك فيه، إلى سحب بعض الودائع المصرفية، ولكن في المقابل، يثبت هذا الأمر وجود السيولة، على خلاف ما حصل في اليونان حيث فقدت السيولة.
وأشار إلى أن المصارف اضطرت الى اتخاذ اجراءات استثنائية أيام الاضراب كوضع سقف للسيولة المسحوبة كون مصرف لبنان امتنع عن مد المصارف بالسيولة التي تحتاجها. ولكن الأمور عادت إلى طبيعتها بعد انتهاء الاضراب.
الى ذلك اعتبر أن انحفاض أسعار الشقق السكنية حصل على نحو متفاوت وليس بنسبة وحدة، لافتاً إلى أن أسعار الشقق الكبيرة تضررت أكثر من غيرها وتحديداً الصغيرة والمتوسطة الحجم، مشيراً إلى أن الأسعار في الوقت الراهن مغرية، لكن العرض لا يزال متفوقاً على الطلب ولهذا انخفضت الأسعار. واذا استمرت الأزمة ولم تحصل الاصلاحات الجدية ولم تمسك الحكومة بزمام الأمور لتعيد الثقة الى المستثمرين والمستهلكين فقد يستمر الانخفاض أكثر. لكن الأصول التي انخفضت أسعارها دون الـ30% أو 40%، يصبح شراؤها مغر.
ورأى أن قروض “سيدر” ميسّرة والأهم من ذلك أنها مشروطة بالاصلاحات وأهمها تخفيض العجز، وهي ستعود بمردود للاقتصاد الوطني بحوالي مليار دولار بسبب خلق فرص العمل وتحريك العجلة الاقتصادية.
وأشار إلى أن الهندسات المالية عادت بأرباح كبيرة للمصارف اللبنانية، معتبراً أنه من المنطقي اشتراط المصارف وضع اصلاحات جدية قبل المساهمة في تخفيض العجز، مذكراً أنه في العام 2002 قدمت المصارف للدولة قروضاً بفائدة صفر بالمئة ساعدت في حينه على انخفاض العجز الى الناتج المحلي من 15 إلى 7% كما ساعدت على انخفاض الدين الى الناتج المحلي من 180% الى 140%. ولكن للأسف لم تواكب هذه المساهمة باصلاحات جدية. ولذا على المصارف أن تساعد اليوم في الحملة التقشفية ولكن في المقابل على السلطة أن تقوم بواجبها في تنفيذ الاصلاحات.
واعتبر أنّ اجتماع الرؤساء الثلاثة نتج عنه تأكيد على استقلالية مصرف لبنان مشيرا الى ضرورة الحفاظ على استقلالية السياسة النقدية، مؤكدا أن القطاع المصرفي قطاع خاص لا يمكن الزامه بشروط اكتتاب أو بنسبة الفائدة على الدين العام والتي تتحكم بها السوق والتصنيف الائتماني.