بدءاً من 1 شباط 2023، لم يعد لسعر الصرف الرسمي 1507 ليرات أي وجود في غالبية التعاملات اللبنانية. فإعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة البدء باعتماد سعر صرف جديد للدولار عند 15000 ليرة، يعني تلقائياً تبدّل كافة التعاملات الرسمية وغير الرسمية. هذا الأمر وإن جرى التمهيد له منذ أشهر، إلا أنه سيُحدث إرباكاً من دون شك بين المواطنين وفي المؤسسات والأسواق.
خفض قيمة الليرة “رسمياً”
رسمياً تم خفض قيمة الليرة اللبنانية اليوم من 1507 ليرات للدولار الواحد إلى 15000 ليرة للدولار، وقد اعتبر سلامة في أكثر من تصريح له، أن تغيير سعر الصرف إلى 15 ألف ليرة هو خطوة نحو توحيد أسعار الصرف المتعددة في البلد، تماشياً مع مسودة اتفاق توصل إليه لبنان مع صندوق النقد الدولي العام الماضي.
وعلى الرغم من تدني قيمة الليرة في السوق السوداء إلى ما يقارب 60 ألفاً للدولار الواحد، إلا أن السعر الرسمي المعتمد في التعاملات الرسمية كان حتى يوم أمس 1507 ليرات، وأصبح بدءاً من اليوم 15 ألفاً.
وكان سعر الصرف الرسمي (السابق 1507 ليرات) قد اعتُمد بدءاً من العام 1998 أي على مدار 25 عاماً، واستمر حتى العام 2019، حين تفجّرت الأزمة المالية وبدأت الليرة اللبنانية تفقد قيمتها تدريجياً، وصولاً إلى فقدانها لنحو 97 في المئة من قيمتها، حين تجاوزت مستوى 60 ألفاً للدولار الواحد.
السحوبات المصرفية
يبدأ من اليوم اعتماد المصارف سعر الدولار الرسمي الجديد على السحوبات الدولارية، بما فيها تنفيذ التعميمين 151 و158. بمعنى أنه سيُعتمد سعر 15 ألف ليرة لسحب الدولار من الحسابات المصرفية بموجب التعميم 151 بدلاً من 8000 ليرة للدولار، كما سيعتمد السعر نفسه، أي 15 ألف ليرة، على السحب بموجب التعميم 158 بدلاً من 12000 ليرة التي كانت معتمدة سابقاً.
مع الإشارة إلى أن اعتماد السعر الجديد للدولار على السحوبات المصرفية لن يغير شيئاً في حقيقة أن الاقتطاع من الودائع الدولارية كان يفوق 75 في المئة وسيبقى كذلك. باعتبار حين كانت السحوبات على أساس 8000 ليرة للدولار كان سعر صرف السوق السوداء في محيط 30 ألف ليرة. أما اليوم، حين أصبح سعر السحوبات على أساس 15 ألف ليرة للدولار، بات دولار السوق السوداء في محيط 60 ألف ليرة. وعليه، ستبقى نسبة الاقتطاع من الودائع عند المستوى عينه، أي في محيط 75 في المئة.
القروض والضرائب
مع دخول قرار رفع سعر الصرف الرسمي للدولار إلى 15000 ليرة حيز التنفيذ، ستتغير كافة المعاملات والقواعد المحاسبية وآليات الدفع والسداد. وبالنسبة إلى القروض المصرفية، فالقروض المبرمة بالليرة اللبنانية لن يطرأ عليها اي تغيير. أما القروض المبرمة بالدولار فإن سداد أقساطها سيتم على أساس سعر الصرف الجديد، أي 15000 ليرة، باستثناء القروض الدولارية لغير المقيمين والقروض التجارية والاستثمارية، فإن عملية سدادها ستعتمد الدولار الفريش، حسب قرار سابق لمصرف لبنان.
مع التذكير بأن مصرف لبنان كان قد أصدر تعميماً في وقت سابق، طلب فيه من المصارف الاستمرار باحتساب الدولار الرسمي عند 1500 ليرة على المقترضين من أصحاب قروض التجزئة التي لا تتجاوز قيمة مدفوعاتهم الشهرية 1000 دولار. إلا أن هذا الأمر لا يزال ملتبساً حتى اللحظة بالنسبة إلى المصارف والمقترضين، بانتظار إصدار مصرف لبنان قراراً يوضح فيه دقائق تطبيق سعر الصرف الرسمي الجديد على التعاملات المصرفية.
التعاملات والضرائب
أما التعاملات المالية الرسمية والخاصة فالإرباك يحيط بها، لا بل يدفع بالبعض إلى استغلال حال الفوضى، فيستوفي الرسوم والضرائب الواقعة على السلع بالدولار الفريش، لاسيما منها الأدوات الميكانيكية والكهربائية وغيرها، في حين يعتمد البعض الآخر سعر الصرف الرسمي الجديد باستيفاء الرسوم. وهنا نتحدث عن الرسوم والضرائب الواقعة على المنتج وليس عن قيمته.
أما في واقع الأمر، فالرسم الجمركي بدأت عملية استيفائه عند 15000 ليرة منذ أكثر من شهرين، كذلك الضريبة على القيمة المضافة وباقي الرسوم والضرائب التي يتم استيفائها بالدولار. فقد بدأت عملية احتسابها على أساس 15000 ليرة للدولار.
هذا بالنسبة إلى التعاملات الرسمية والمصرفية، أما التعاملات الخاصة فإنه يتم ربطها بسعر دولار السوق السوداء، حتى أبسط الأمور والخدمات والسلع باتت مدولرة تماماً، ولا وجود للدولار الرسمي الجديد في تعاملاتها.