الدولار فُقد من الأسواق وإن لم يُفقد فهو نادر جداً ويتمّ التفتيش عنه “بالسراج والفتيلة” لشرائه وعند سعر يتخطى الـ4000 ليرة للدولار الواحد. هكذا أصبحت السوق الموازية اليوم في ظل الإضراب الذي ينفّذه الصرّافون، احتجاجاً على توقيف البعض منهم ومقاضاتهم من جهة، ومن جهة ثانية بسبب ضرورة التزامهم بتسعيرة الـ3200 ليرة التي حدّدها لهم مصرف لبنان تحت طائلة الملاحقة.
الصيارفة يعتمدون في عملهم الحسابي مع الزبائن على جملة ركائز أولها مدى معرفتهم بالزبون، والقيمة التي يطلبها المشتري وتوفّرها لديهم، ونسبة مخاطر إجراء مثل تلك العملية التي تأتي بظاهرها بـ3200 ليرة. فإذا جاءت تلك الركائز وفق ما يشتهون أنجزت العملية.
وهنا تتكاثر التساؤلات، حول تاريخ بدء عمل المنصّة الإلكترونية التي ستنظم تسعيرة صرف الدولار لدى المصارف والصرافين، وما اذا كانت قد تحلّ قصة فقدان الدولار؟
المنصّة الإلكترونية لدى مصرف لبنان، كان من المنتظر أن يبدأ عملها في نهاية الشهر الجاري، إلا أن التلهي بـ”كورونا” ساهم في تأخير إطلاقها. ويرجّح رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود لـ”نداء الوطن” أن تبدأ عملها في منتصف حزيران “وقد تمتد الى نهايته وفق أبعد تقدير”.
ولا يعني بدء عمل المنصّة توفّر الدولارات في السوق، بل تحديد وتثبيت سعر المعروض منه، والمقدَّر اليوم بنحو 5 ملايين دولار يومياً في مقابل 10 ملايين دولار سابقاً.
وتبرز مهمة المنصّة كما يلي: تحديد سعر الصرف اليومي للدولار، والذي سيتمّ اعتماده في السوق الموازية، ومحاسبة كل من يخالفه من الصيارفة المرخصين.
وهنا ذكّر حمود بأنه “في أيام البحبوحة كانت حاجة البلد شهرياً الى مليار ونصف من الدولارات وكان الإقتصاد والسيّاح يؤمنون مليار دولار، والقيمة المتبقية وهي 500 مليون تتم تغطيتها من عمليات مصرف لبنان والأموال المحوّلة من الخارج. واذا لم تغطّ يضطر “المركزي” الى التدخّل ومن هنا بدأ ما يسمّى بالعجز في ميزان المدفوعات.
أما بعد “17 تشرين”، فانخفضت قيمة المليار ونصف المليار الى مليار دولار شهرياً وبات الإقتصاد يوفّر منها 400 مليوناً والـ600 مليون دولار المتبقية عجزاً، لذلك ارتفعت أسعار الدولار في السوق ما ولّد عدم القدرة لدى التجار على الإستيراد وتلبية احتياجات البلد فبدأنا نشهد نقصاً في بعض السلع. أما اليوم ومع “كورونا” فتضاءل العرض الى 150 مليون دولار مقابل طلب بحدود الـ 400 مليون لأن التجار لا يستطيعون أن يوفروا كل احتياجات البلد، لذلك سيبقى الطلب مضاعفاً عن العرض… والمواطن سيظل مفتقراً إلى العملة الخضراء حتى إشعار بعيد.