الدولة تعترف أن الأزمة غير نظامية: ردّ الودائع مُلزم…

عادت زيارة وفد الخزانة الأميركية إلى ​لبنان​ لتفتح الباب على مصراعيه من جديد على الملف المالي الاصلاحي، الذي كان من المفترض أن تبدأ به الحكومة منذ زمن، وحتى اليوم الكباش لا يزال هو نفسه، بين المصارف ومصرف لبنان والدولة، والمودع هو الضحيّة، والأكيد أنهم يحاولون تصوير الأزمة على أنها أزمة نظام، ولكن الحقيقة أنها أزمة مصارف…

“لا زلنا في النظام الذي أرسته الدولة بالتكافل والتعاضد مع القطاع المصرفي ممتنعين عن الالتزام بأحكام القانون، وفي لبنان لا نحتاج إلى قوانين بل لدينا إنحراف تطبيقي للقوانين”. هذا ما يؤكده الخبير في الشؤون المصرفية المحامي باسكال ضاهر، لافتاً إلى أنه “بالنسبة ل​قانون الفجوة المالية​ الكل شدّدوا على أن الأزمة نظاميّة ليكملوا سرقة ال​ودائع​، وتطبيق أحكام 341 موجبات وعقود التي تشير صراحة إلى أنه “يسقط الموجب إذا كان قد أصبح موضوعه مستحيلاً من الوجه الطبيعي أو الوجه القانوني”، أيّ تصبح المصارف بحلّ عن اعادة الودائع، ولكن الحقيقة أن الاسباب ليست نظاميّة”.

وهنا تشير مصادر مطّلعة إلى أن “السلطات اللبنانية بكل مكوناتها إعترفت بأن الازمة غير نظاميّة، وهو ما ورد صراحة في الاسباب الموجبة لمرسوم ردّ قانون السرّية المصرفيّة الصادر عن رئاسة الجمهورية الى مجلس النواب، حيث جاء حرفياً: إن الازمة لم تنشأ فقط عن الجرائم الماليّة، إنما ايضاً عن مخالفات مصرفيّة متعدّدة ومزمنة” وقد أخذ المجلس النيابي بهذه الاسباب، وعلى أساسها اعاد بحث القانون وأقر التعديلات المطلوبة لاحقاً”.

وهنا يعود ضاهر ليشرح الأسباب التي تشير إلى أنّ الأزمة ليست نظاميّة، أولها أنها نتجت عن مخالفات قانونيّة ارتكبت بمشاركة من قبل عدد المصارف، لأنّها لم تكن غير متوقّعة أو ناتجة عن ظروف خارجة عن الارادة، وهي لا تندرج ضمن الأزمات الناتجة عن أزمات أجنبيّة، وهذا ما يميزها عن سيناريوهات تدحرج أحجار الدومينو، لأنّه يوجد مصارف تصرّح بأنّها على أتمّ الاستعداد لتسديد الودائع. ويضيف: “صندوق النقد يرفض كل هذا الجدل ويؤكّد أنه لا يوجد شفافيّة ولا مراقبة، ما يعني أنّ هناك فجوة ماليّة لا يريد تحميلها للشعب”. ويؤكّد أنّ “النظام الذي أرساه الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة مع السلطة الحاكمة لا يزال مستمراً حتى الآن”.

في المقابل، تشير مصادر مطّلعة إلى “وجود خطط عدّة طرحت، ومنها ​إعادة هيكلة المصارف​ التي مرتبط اقرارها بقانون الفجوة المالية”، لافتة إلى أن “خطة اعادة الهيكلة أقرّت بالخسائر الحقيقيّة المُقدّرة بعشرات المليارات من الدولارات الأميركيّة، واقترحت توزيعًا عادلا يقضي بشطب رأس مال البنوك حيث يخسر المساهمون، وحماية الودائع الصغيرة، وتخفيض قيمة الحسابات الكبيرة. وهذا يحمي المودعين العاديين”.

وتشير إلى أن “المصارف تريد زيادة ديون إضافيّة على الدولة، كتلك المُقَدَّرة بـ16.5 مليار دولار، وتريد من الدولة أن تردّها من أصولها ومن الضرائب والرسوم، بينما الخطة العادلة لاعادة الهيكلة تتوافق مع المتطلبات الدوليّة: الإصلاحات الهيكليّة، وتعديل قوانين السرّية المصرفيّة المعتمدة عام 2025، وضوابط رأس المال، وتوحيد أسعار الصرف، والقضاء على الاحتكارات، وقبل كل شيء، إجراء تدقيق جنائي شامل للبنك المركزي والوزارات والهيئات العامة والبنوك الكبرى”، معتبرة أنّ “هذا سيكشف عن الفساد والاختلاس والمحسوبيّة والتهريب والمافيات والاختلاس وتزوير الحسابات”.

إذا يبدو واضحاً أنّ الأزمة غير نظاميّة بإمتياز، ولكن الأكيد أنّ المصارف تحاول التهرّب من من الأمر وتحميل الخسائر للمودعين. والسؤال: كيف ستواجه الدولة الضغط الدولي في هذا الموضوع وهي لا تزال تسير بنفس النهج والاتجاه؟.

مصدرالنشرة - باسكال أبو نادر
المادة السابقةالوكالة الدولية للطاقة تتخلى عن توقعات تسارع التحول الأخضر
المقالة القادمةمصرف لبنان يطارد “الكاش”… الرقابة بدءاً من الألف دولار