يُمكن لمن يقرأ مشروع موازنة 2024 أن يتمعّن فيها ولكن لا يُمكنه أن يصل الى المادة 58، التي تتحدث عن رسوم استهلاك للحفاظ على البيئة وتحديدا الصفحة 106 من الجدول رقم(3): ضريبة بيئية على “المنتجات المستوردة” وفي نهاية الجدول توجد ضريبة على “نعوش محتوية على جثة بشرية” وتبلغ قيمتها 0.002%… من يقرأ هذا الأمر يراوده الشكّ هل هذا صحيح؟! هل هو حقيقة أم وهم؟ وهل وصلنا الى زمن بات فيه المتوفي هو “مُنتج مستورد” من الخارج؟!. أين كرامة الانسان الّتي سحقتها الدولة والحكومة اللبنانية وجميع المسؤولين فيها وصولا الى القبور؟!.
بدايةً وقبل الغوص في التفاصيل إتصلنا بوزارة الماليّة للاستفسار عن المسألة كونها المسؤولة عن وضع الموازنة وإرسالها، فكان الجواب بأن هذا البند أتى بإقتراح من وزارة البيئة وهو قابل للتعديل والدرس وليس نهائياً. ولمتابعة البحث اتّصلنا بوزير البيئة ناصر ياسين أيضاً للاستفسار عن الموضوع، فما كان منه الا أن “أكد أن هناك خطأ حصل، والموظّف في الوزارة أرسل لائحة قديمة الى وزارة المالية وسنقوم بالتصحيح”.
وزير البيئة أكمل الشرح، مشيراً الى أن “المقصود ليس المسّ بالمتوفي ولا بكرامته إنما الحفاظ على البيئة”، لافتا الى أنّ “كل المنتجات القادمة من الخارج تأتي بعلب كرتون أو بلاستيك أو غيرها هي بحاجة الى المعالجة واعادة التدوير، وبالتالي تخضع للضريبة، وعندما يأتون بالمتوفي من الخارج يوضع بـbox خشب ومن ثم بنعش وهذا الـbox يُعالج والرسم هو زهيد جداً”، ليعود ويؤكد أن “الخطأ سيصحح بإزالة هذا البند من مشروع الموازنة أو من اللائحة التي أرسلت”.
في هذا السياق، لماذا لجأت الوزارة الى وضع الضريبة على جثث الأموات القادمة من الخارج ولم تضع الضريبة على الأموات في لبنان علماً أن أيًّا من الطريقتين لن تختلفا عن بعضهما البعض”؟.
أيضاً تتطرق المصادر الى قيمة الضريبة والتي بلغت 0.002% يعني 2 بالألف من قيمة “المنتج”، بحسب ما ورد في مشروع موازنة 2024! على الرغم من انّه وطنيٌّ بامتياز ومنذ أكثر من 10 سنوات، وهجّرته أيادي المسؤولين اللبنانيين المهملين الّذين امتهنوا تهجير أبناء الوطن بسبب فسادهم. وتتساءل المصادر “هل هي 2 بالالف من قيمة النعش أو قيمة ثروة المتوفي؟ الأمر غير المحدّد في الموازنة وهي قابلة كثيراً للتأويل، مضيفة: “لم يتم تبرير وضع الضريبة بأسباب موجبة، بمعنى آخر، انّ استحداث ضريبة يتطلب شرحاً عن سبب اقتراحها والاسباب الموجبة ويناقش المجلس النيابي تلك الاسباب لتمريرها أو لا، وهذا لم يحصل في هذا البند”.
في المحصّلة وعد وزير البيئة بإزالة هذا البند من مشروع الموازنة وتصحيح الخطأ مشكورًا… وحتى ذلك الحين يبقى المتوفّي ابن هذا البلد “أبًّا عنجدّ” “منتج مستورد” خاضع لضريبة تصل الى 2 بالالف لا ندري إذا كان من قيمة النعش أو ربما ثروة المتوفي، اذا كان يملك من ثروة بعد أن نهب المسؤولون ثروات البلد ولم يتركوا فيه قشرة بصلة للمواطن؟!.