الرغيف أسير الدولار والطحين ضحية التهريب

على طريقة الناس بالناس .. والقطة بالنفاس، يتجاهل أهل الحكم المحن التي يعيشها اللبنانيون، والتي تزداد ضغوطها يوماً بعد يوم، ويتسلّون في أحاديث طاولة الحوار المزعومة، والتي لن ترى النور في ظل الصراعات السياسية المحتدمة، وإعلان أكثر من فريق في المعارضة والموالاة عن عدم جدوى المشاركة في مسرحية هزلية، لم تنطلِ أهدافها على الناس.

آخر فصول المحن، وليس أخيرها بالتأكيد، وصول تسونامي الإنهيارات إلى رغيف الخبز، ومطاردة الدولار الأسود المتصاعدة للقمة عيش اللبنانيين، تحت سمع ونظر كبار المسؤولين في الدولة، الذين غرقوا في مستنقعات الفشل والفساد، وجعلوا من التعطيل منهجاً لتدمير مقومات الدولة الفاعلة، وتجاوز دور المؤسسات الدستورية، على نحو ما هو حاصل في تجميد جلسات مجلس الوزراء، والتعامل مع الحكومة الحالية وكأنها حكومة تصريف الأعمال.

بعد الزيادات الفلكية في أسعار البنزين والمازوت والغاز والسلع الغذائية والأدوية،جاء دور رغيف الخبز، طعام الفقراء والمعوزين، ليلتحق بقافلة المواد الضرورية التي يعجز الكثير من اللبنانيين عن الحصول عليها، بعد الفبركات المفتعلة لرفع الدعم عن الطحين.

ومما يفاقم من تعقيدات أزمة الرغيف، أن الطحين المدعوم أصبح ضحية عمليات التهريب من لبنان إلى سوريا الناشطة على قدم وساق عبر الحدود المسيّبة ، ودون حسيب أو رقيب، وكأن البلد مازال قادرآً على تحمل أعباء إقتصادين منهارين، وكأن الوضع النقدي المتداعي يتحمل تأمين النقد الأجنبي لعملتين يخسران يومياً نسباً متزايدة من قيمتهما ومن قدرتهما الشرائية.

أي حوار يلهون الناس بسخافاته والأزمات المعيشية تُمسك بخناق اللبنانيين، والرغيف يكاد يختفي من الأفران، والطحين قد ينفد في المطاحن خلال أقل من إسبوعين؟

وماذا سيفعل جهابذة الحكم عندما يصل الدولار الأسود إلى عتبة الأربعين ألف ليرة ويُصبح الرغيف أسير الدولار؟ هل يُطعمون الناس من خطاباتهم الشعبوية؟ وهل يستمرون في تعطيل الحكومة ومفاوضات صندوق النقد الدولي لتنهار آخر السقوف المتداعية في هذه الدولة المتهالكة ؟

مصدراللواء
المادة السابقةبعثة صندوق النقد إلى لبنان: لا داعي للتفاؤل
المقالة القادمةقفزة الدولار تنعكس جنوناً شاملاً للأسعار..