أقفلت المصارف أبوابها أمس تنفيذاً لتهديدها بالإضراب المفتوح، احتجاجاً على اجراءات قضائية خاصة بإنصاف المودعين وكشف السرية المصرفية في قضية تبييض أموال.
والتقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بوفد من الجمعية أمس، ووعد بمتابعة الملف، والتواصل مع المراجع المختصة لمعالجة الوضع. حتى ذلك الحين، أكدت مصادر الجمعية “بقاء الاضراب قائماً، حيث تم تقليص العمل المصرفي ليقتصر فقط على السحب عبر ماكينات الصراف الآلي ATMs، وتأمين الاعتمادات المالية الضرورية للاستيراد، كما استقبال أموال Fresh من الخارج لصالح المواطنين والشركات”.
على صعيد القضايا، تراهن المصارف على “تدخل الرئيس ميقاتي مع الجهات القضائية للحؤول دون تفاقم التحقيقات الجارية، وحتى لا تفلت الأمور من عقالها وصولاً الى حصول توقيفات واقفال مصارف والقاء الحجز التحفظي عليها، وعلى اصول وأموال عدد من المصرفيين المتهمين بتبييض الأموال”.
وعلمت “نداء الوطن” أنّ هناك قضية متعلقة بتحويل نحو 8.8 مليارات دولار في الأشهر الأولى للأزمة (مع ربط ذلك بعمليات هندسات مالية حصلت في 2016!)، تدافع المصارف عن نفسها بشأنها بتأكيد ان المبالغ اقترضتها من مصرف لبنان لتغطي التزامات خارجية، لئلا تنكشف إزاء البنوك المراسلة، مع ما لذلك من تداعيات قانونية دولية.
في المقابل، تؤكد جهات الادعاء أن “في تلك التحويلات شبهات، وانها أتت على حساب بقية المودعين، ولم تكن كلها لتغطية التزامات خارجية، بل فيها أموال تعود لنافذين ومصرفيين”.
وفي اليومين الماضيين تلقت مصارف طلبات لكشف السرية المصرفية عن حسابات وعمليات رؤساء واعضاء مجالس الادارات والمديرين التنفيذيين في عدد من البنوك، بالاضافة الى مدققي الحسابات الحاليين والسابقين. واختلفت الآراء حول تفسير مواد في قانون تعديل السرية المصرفية، فامتنعت مصارف عن تلبية طلبات كشف السرية، ما دفع بالجهة القضائية المعنية الى فتح دعاوى جديدة بحقها مع امكان اجراء مداهمات واصدار مذكرات جلب واحضار كل من يمتنع عن تلبية طلبات كشف السرية”.
فهل يتدخل ميقاتي عبر النيابة العامة التمييزية والنيابة العامة المالية لتغيير مجرى القضايا والتحقيقات فيها؟ أم تلتزم البنوك مرغمة مع تحمل تبعات قاسية ومفاجئة؟ أم يستمر العناد المصرفي بالاضراب الذي يخنق الجميع ويضعهم أمام ضرورة إيجاد مخرج بإخراج سياسي قضائي مصرفي لهذا المأزق غير المسبوق في تاريخ المصارف، حتى لو اقتضى الأمر التدخل في عمل القضاء على غرار ما حصل في قضية انفجار المرفأ؟
تبقى الاشارة الى ان المصارف تضغط أيضاً لإقرار سريع لقانون كابيتال كونترول يحميها من قضايا المودعين. وعلى سبيل المقارنة بين قضيتي تبييض الأموال وإنصاف المودعين، يؤكد مصدر قضائي أنّ “المصارف تتمسك بأهداب السرية المصرفية كأنها “قدس الأقداس”، بينما تهزأ بشعار “قدسية الودائع” التي تقتطع منها يومياً ما يصل الى 85% من قيمتها”.