السلطة “تنيشن” على التحويلات إلى الدولار والهدف “ليلرة” الودائع

الرئيس ميقاتي كشف في لقاء حواري مع مجلس نقابة المحررين أنه تم تحويل 28 مليار دولار من الليرة إلى الدولار بعد 17 تشرين الأول 2019. معلقاً، أنه “ليس من المقبول أن يطبّق على هؤلاء الإجراء ذاته الذي سيطبق على الودائع التي جمعها الناس بعرق السنين وتعبها”.

أخطر ما في هذه الخطة سيكون معاملة الودائع المحولة بعد الثورة على القاعدة نفسها أي “قشة لفة”. ففي الوقت الذي يوجد فيه ودائع بمليارات الليرات حولت إلى الدولار بعدما استفادت على مدار السنوات الماضية من الفوائد المرتفعة، هناك تعويضات لموظفين وودائع صغيرة حولت بعد 17 تشرين إلى الدولار نتيجة سياسة الترغيب والترهيب. وهناك ودائع بالدولار نتجت عن عمليات بيع بشيكات مسحوبة. وعليه فان العدل يقتضي الفصل بين الودائع ومعاملتها تبعاً للمعيار الذي يقول “من استفاد أكثر يدفع أولاً”، بحسب أحد الخبراء الذي فضل عدم الكشف عن اسمه قبل وضوح الصورة. هذا من ناحية، أمّا من ناحية ثانية فان “الوضع السياسي والنقدي الذي أعقب اندلاع الأزمة، هو الذي شجع على تحويل الودائع إلى الدولار وتجميدها على فترات طويلة نسبياً برضى المصارف والسلطة النقدية المتمثلة بالمصرف المركزي. فكيف من الممكن معاقبة المودعين من نفس السلطة التي سمحت لهم بالتحويل؟! فهذا الأمر يرقى إلى جرائم الحرب ويشبه فتح السجان الباب وتسهيل هروب المعتقلين لاطلاق النار عليهم من الخلف عشوائياً”.

المحامي أنطوان مرعب الذي يعتبر أنه كما لا يجوز منع التحويل من الليرة إلى الدولار، ما لم يكن هناك نص قانوني صريح، يسأل عن “السند القانوني الذي سيعتمد لارجاع الوديعة إلى عملتها الرئيسية. ولا سيما إن تم اعتماد نفس سعر الصرف الذي جرى التحويل على أساسه، أي 1515. بحسب مرعب فان “كل ما يجري اليوم على مختلف الأصعدة، ما هو إلا استكمال للنهج القائم من 17 تشرين على السرقة المنظمة. فالمصارف التي أخفت خسائرها من خلال تسديد جزء كبير من الودائع بأقل من قيمتها الحقيقية سابقاً، واعتماد ميزانيات غير حقيقية بتغطية من المركزي، ستنال ترفيعاً آخر مع مثل هذا القرار، إن كان قد قصد به الرئيس ميقاتي ما فُهم منه. مع العلم أن ما يكون قد قصده الرئيس ميقاتي أيضاً هو أن هذه الودائع قد جرى تحويلها إلى خارج البلاد”.

رقم التحويل الهائل من الليرة إلى الدولار، بغض النظر إن كان 28 مليار دولار أو أقل نتيجة مرور عامين، سيكون بحسب مصدر مصرفي من ضمن الخطة الكاملة لتوزيع الخسائر، ولم يتم التعامل معه إفرادياً. وهو سيخضع للمراجعة والتدقيق كما الحسابات التي استفادت من الفوائد الباهظة والمقدرة قيمتها بحسب تصريح رئيس الحكومة بـ47 مليار دولار فقط منذ العام 2014 ولغاية 2017. وفي الحالتين فان ترجمة التصريح الذي نقل عن الرئيس ميقاتي هو تحضير المودعين نفسياً للمرحلة المقبلة التي ستشهد أوسع عملية “ليلرة” للودائع من دون أن يحدد بعد على أي سعر صرف.

هذا التسريب “سيشكل ضغطاً كبيراً على الشيكات المصرفية banker check بمحاولة لتهريب ما تبقى من الودائع بالدولار المهددة بالليلرة”، بحسب الخبير في الأسواق المالية د. فادي خلف. ولا سيما ان السحوبات على سعر الصرف الجديد 8000 ليرة محكومة بسقف لا يمكن تخطيه، وبيع العقارات أصبح بالدولار النقدي. ومع ازدياد عرض الشيكات المصرفية ستنخفض قيمتها أكثر من دون أن نستبعد فقدانها لأكثر من 80 في المئة من قيمتها”، بحسب خلف. و”ذلك بعدما شهدت تحسناً ملحوظاً في الآونة الأخيرة بلغ 26 دولاراً لكل 100 دولار، مع رفع سقف السحوبات من حسابات الدولار إلى 8000 ليرة، والتراجع القليل في سعر صرف السوق الموازية، والاجراءات التي يحاول أن يأخذها المركزي لاقفال العام على سعر صرف أقل من 30 ألف ليرة”. يبقى هناك برأي خلف “سوق الأسهم الداخلية، على محدوديته، قد يكون مخبأ لهذه الودائع بانتظار تحسن في أسعار الأسهم أو عدم فقدانها قيمتها في أسوأ السيناريوات”.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقة«انتفاضة» في عرسال ضد الـ NGOs: شغّلونا أو غادروا!
المقالة القادمةحقائق الدَين العام وتحديد الخسائر