مبرّدات “حمى” صيف 2022 السياحي لا تعدّ ولا تحصى. واحدة منها، استمرار الدوران في الاقتصاد النقدي cash economy الذي سيرتّب على السياح حمل مبالغ نقدية كبيرة لتسديد أبسط المستحقات. فبطاقات الإئتمان الدولية والمحلية التي يعتمد عليها السياح مرفوضة من قبل معظم المؤسسات، ومن يقبل بها على مضض، يطلب عمولة إضافية تصل في بعض الأماكن إلى 30 في المئة. حجة المؤسسات لهذه الحسومات التي تنفّر السياح والمغتربين، هي أن الداخل من أموال إلى المصارف مفقود والخارج منها مولود.
فالبنوك لا تعيد إلى المؤسسات “إلا نسبة قليلة جداً لا تتجاوز 15 في المئة من مجموع الاموال التي تدخل حساباتها عبر الدفع بالبطاقات”، بحسب ما يشرح أمين صندوق نقابة أصحاب المطاعم عارف سعادة، “في حين أن 90 في المئة من النفقات التشغيلية والجارية تسدّد نقداً”.
باستثناء قلة من أصحاب المؤسسات التي تقبل التسديد مناصفة بين النقدي والبطاقة أو الشيكات نظراً لوجود التزامات عليها تجاه البنوك، فإنّ “الأغلبية المتحررة من الديون المصرفية ترفض التعامل بالبطاقات والشيكات”، كما يؤكد سعادة، و”لا أحد من المؤسسات السياحية العريقة والمحترفة مستعد أن يضحي بزبائنه التاريخيين من أجل عمولة بنسبة 15 إلى 30 في المئة على الدفع غير النقدي، ففضلت هذه المؤسسات التعامل بالكاش وبالدولار تحديداً لحماية نفسها وزبائنها من تقلبات سعر الصرف. وما ساعد على ذلك سماح وزارة السياحة باعتماد الدولار السياحي، لكن هذا بالطبع لا ينطبق على الجميع فهناك مؤسسات تفرض عمولات على الدفع بالوسائل الائتمانية لا تكون منطقية في معظم الحالات نظراً لحالة الفوضى والتخبط السائدة في مختلف المجالات والقطاعات”.
بشكل عام تفرض الشركات المعنية بالدفع الإلكتروني عمولة 2 في المئة على المدفوعات بعملة مختلفة، عبر بطاقات الائتمان الدولية. وهذه النسبة يجب أن يتحملها صاحب المؤسسة من دون أن ينقلها إلى العميل. ولكن هذا ما لا يحصل في لبنان، فبعض أصحاب الأعمال يجمعون عمولة شركات المدفوعات الإلكترونية، مع العمولة التي يفرضها المصرف للتحويل من حساب الشركة إلى حساب المورد أو الموظف والتي تصل إلى 12 في المئة، مع عمولة نسبية تعوض احتجاز الأموال، ويحملونها جميعها إلى العميل. وما يساعد على هذه الفوضى بحسب خبير المخاطر المصرفية د. محمد فحيلي هو “غياب الانتظام الذي كان يحكم قواعد “الاشتباك” بين المؤسسات المالية باختلاف أنواعها مع زبائنها. فتحولت العلاقات إلى “حارة كل مين إيدو إلو”، لا تخضع لأي نوع من أنواع الرقابة”.
ليس بعيداً عن هذا الواقع لجوء بعض شركات الدفع الإلكتروني اللبنانية، إلى رفع نسبة عمولتها على المدفوعات من 1.5% و2% إلى حوالى 7% للأسباب نفسها. الأمر الذي دفع بأصحاب المطاعم إلى نقل الكلفة الإضافية إلى زبائنهم. فهل من خلال نصب “فخ” الاقتناص من المدفوعات الإئتمانية يكون التشجيع على السياحة وحماية عوائدها التي ستعود بالفائدة على كل القطاعات والمواطنين؟ّ!