وقعت الواقعة وحصل ما كان يخشاه القيمون على القطاع السياحي من ضربة قاسية له في عز الموسم الصيفي، وبالتالي فإن نعي الموسم صار رسميا ويمكن فقط القول «العوض بسلامتكن».
وإذا كان أصحاب الفنادق ونقيبهم بيار الأشقر كانوا أول الناعين، فإن أصحاب القطاعات السياحية الأخرى كانوا اللاحقين بعد استهداف إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت وما تلاه من ترقب لرد «حزب الله» على هذا التطور الخطير، ومن إرباك في حركة الطيران من وإلى لبنان وإلغاء رحلات لشركات أجنبية واستدعاء البلدان لرعاياها تحسبا للأخطر وعودة المغتربين إلى أوطانهم الثانية.
وهكذا تكون الخسارة لم تلحق فقط بلبنان الذي يقوم دخله الوطني بجزء كبير على حركة مغتربيه في البلد، وإنما لحقت أيضا بالمغتربين أنفسهم الذين سرع بعضهم عودته إلى الخارج بفعل التطورات، واضطر إلى دفع مبالغ مضاعفة لتأمين مقاعد على متن الشركات التي لاتزال تعمل في مطار بيروت، هذا إن وجد أماكن على متنها.
الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية في لبنان جان بيروتي قال لـ«الأنباء»: «قطاع السياحة كان يعيش منذ فترة على السياحة الداخلية. أما اليوم ومع التطورات الأمنية الأخيرة فقد تراجعت هذه السياحة، فيما المؤسف أن هذا الوضع الأمني مفتوح في الزمن».
وأضاف: «أدخل القطاع السياحي على لبنان العام الماضي 6 مليارات دولار. أما اليوم فخسارتنا كقطاع هي أكثر من 3 مليارات دولار. استطعنا العام الماضي إعادة 11 الف موظف لبناني من الخارج للعمل في القطاع السياحي اللبناني برواتب عالية جدا، واعتقدنا أن البلد سيظل بألف خير، أما اليوم فنحن مهددون بخسارتهم من جديد».
وعن دور الدولة اللبنانية في الوقوف إلى جانب القطاع السياحي بعد النكبة التي أصابته هذا الصيف، قال بيروتي: «الدولة التي يفترض بها دعم القطاع السياحي غائبة. وإذا مش قادرة تعطينا، ما تطلب منا. والمطلوب من المجلس الأعلى للسياحة أن يجتمع للوقوف على واقع حالنا واتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين صمود هذا القطاع».
وعن نوع هذه الإجراءات، أوضح أن الدولة وبدلا من أن تتقاضى ضرائب وغرامات وضمانا اجتماعيا، يمكن أن تتخذ قرارا بتأجيلها». وكشف عن «مؤتمر صحافي للقيمين على القطاع السياحي كان سيعقد الأسبوع الحالي تحت عنوان مطالبة الدولة بدعم هذا القطاع، الا أن قرارا اتخذ بإرجائه إلى الأسبوع المقبل».
وختم بيروتي: «إذا خسرنا القطاع السياحي، نكون قد خسرنا لبنان. صحيح أننا ننعى اليوم الموسم الحالي، لكن هذا يعني أن هذا الوضع الكارثي سيستمر حتى الربيع المقبل، والمسألة ليست مسألة يوم ويومين وثلاثة».
نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري خالد نزهة قال من جهته لـ«الأنباء»: «القطاع المطعمي أكل صفعة وأضحى اليوم في مكان آخر بعد تغيير جذري في المعادلة السياحية برمتها. لكن التقييم بالأرقام واللغة العلمية مؤجل حاليا، فيما الأكيد أن التراجع كبير جدا».
وأشار إلى أن شهري يوليو وأغسطس هما شهرا الذروة للقطاع السياحي. وكانت الحركة المطعمية ناشطة في شهر يوليو، لكنها بقيت كنسبة أقل بـ 30 و40 بالمائة من النسبة التي سجلت في العام 2023، والذي كان ممتازا سياحيا وأعطى اندفاعة كبرى لهذا القطاع لكي يخطط للمزيد من الازدهار والاستثمار».
وأكد نزهة أنه «لطالما اعتمد القطاع السياحي على المغتربين اللبنانيين بنسبة 70 إلى 80 بالمائة، وكتر خيرن جاؤوا وعملوا حركة، وكان يمكن أن يمكث بعض المغتربين إلى نهاية أغسطس وحتى إلى 15 سبتمبر، لولا التهديدات بالحرب والخوف من إقفال مطار بيروت وتحذير الدول لرعاياها، وهذه عوامل جعلت الكثيرين يغادرون قبل الأوان». وعن مصير المؤسسات المطعمية الجديدة التي افتتحت مع بداية هذا الصيف وفاق عددها الـ50، قال: «تلقت ضربة كبيرة لاسيما أن الكلفة التشغيلية عالية جدا، ما يعني أن مصيرها قد يكون الإقفال في حال استمر الوضع على هذا النحو». الأكيد أن المصير الأسود ينتظر الكثير من المؤسسات السياحية اذا بقي لبنان عالقا في نفق الرد العسكري والرد المضاد، علما أن هذا المصير سيطال كل القطاعات اذا استحال كابوس الحرب الكبرى حقيقة.