قال مسؤولون حكوميون سعوديون أمس إن الاقتصاد الوطني السعودي يدخل مرحلة تعافٍ جديدة من الآثار الاقتصادية الشديدة التي أفرزتها جائحة كورونا المستجد، وجابهتها المملكة بجملة سياسات مالية ونقدية موازية امتصت الكثير من التداعيات، لافتين إلى أن الفترة المقبلة ستشهد التركيز على تعميق البحوث لتنمية وتفعيل التمويل الإسلامي في إطار توسيع بيئة القطاع المالي.
وأكد المسؤولون الحكوميون أمس خلال سلسلة لقاءات يروموني السعودية أن الأعمال للقطاعين العام والخاص عادت إلى مجاريها وفق سياسات الاحترازات والبروتوكولات الصحية، في وقت تظهر فيه المؤشرات الرئيسية لحجم السيولة والائتمان والاستهلاك في البلاد بوادر إيجابية توحي بتقدم في استشفاء الاقتصاد السعودي من آثار الجائحة.
وأوضح الدكتور فهد الدوسري، نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي للأبحاث والشؤون الدولية، أن حجم السيولة في النظام البنكي يدعم التعافي الاقتصادي ويضمن استمرار القروض والتمويل والأنشطة الاقتصادية، لافتاً إلى أن دور الدولة خلال الجائحة كان جوهرياً في تحفيز صمود القطاع الخاص، لا سيما المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
وأضاف الدوسري أن إجمالي ما قدمته مؤسسة النقد العربي السعودي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة من برامج دعم وتحفيز وتأجيل يتخطى حاجز 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) نجم عنها مواصلة الشركات لأعمالها، وسط برامج أخرى تضمن استمرار أجور العاملين السعوديين.
وقال الدوسري: «برغم المؤشرات الإيجابية لا بد من الاعتراف بأنه ما لم يتم التوصل إلى عقار للشفاء من وباء (كورونا) تظل الأمور في إطار حالة (عدم اليقين)… لكن نلمس حالياً أن الأمور بدأت تنتعش وتنشط وتعود إلى طبيعتها»، مؤكداً في الوقت ذاته أن السعودية متأهبة لمزيد من المقاومة لآثار كورونا السلبية.
وأضاف الدوسري: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للاستشفاء الكامل، لكن هناك علامات ومؤشرات تعزز تحسن الناتج المحلي الإجمالي، حيث ارتفعت منذ يونيو (حزيران) الماضي بيانات الاستهلاك ونقاط البيع ومعدل الثقة بجانب الائتمان المقدم للقطاع الخاص وحجم السيولة بمفهومه الواسع وحجم أصول البنك المركزي».
من جانبه، أوضح فيصل الشريف، مدير عام برنامج تطوير القطاع المالي التابع لوزارة المالية، أن مبشرات التعافي الاقتصادي السعودي تعززها كذلك معدل التحويلات المالية الإلكترونية، وتزايد أعداد شركات المدفوعات المالية، موضحاً أن المرحلة المقبلة ستشهد التركيز والاعتناء بملف التمويل الإسلامي. وأفاد الشريف بأن برنامج تطوير القطاع المالي سجل تنامياً في اكتمال بعض بنود مشروعاته بنسب تصل إلى 90 في المائة من النسب المستهدفة، مشدداً على أن المملكة تعمل على ضمان إيجاد بيئة مالية متكاملة لتجد فيه الشركات والبنوك العالمية بنية متكاملة يمكنها تشغيل أعمالها بأعلى معايير المهنية والأريحية.
وأضاف الشريف أن تركيز السعودية لا ينصب على الاسترشاد بنماذج إقليمية أو عالمية بل على التأكيد بوجود بنية تحتية مكتملة ونظام تشريعي عميق وبيئة عمل تدعم النجاح، مؤكداً أن الفترة المقبلة ستذهب إلى تعميق البحث وتفعيل التمويل الإسلامي مستفيدة من مكانة السعودية في هذا الإطار.