أرسل نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، ملاحظاته على مشروع موازنة 2025، إلى رئاسة مجلس الوزراء لعرضها أثناء مناقشات المشروع. وأشار إلى أن المشروع يفتقر للنظرة الاقتصادية والاجتماعية أو أي استراتيجية ذات أهداف واضحة، وأنه لا يستند إلى إطار اقتصادي وإلى التوقعات في إطار مالي متوسط الأجل، فضلاً عن أنه ليس متوازناً ولا يأخذ في الحسبان التمويل المتاح من مصادر خارجية ومحلية، ويقترح فرض المزيد من الضرائب، أبرزها زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 12%وزيادة الضريبة على مبيع المحروقات.
بالنسبة إلى الشامي، إن ضرورة تحديد استراتيجية وترجمتها في الموازنة أمر ضروري، إلا أن المشروع الذي يعرضه وزير المال على مجلس الوزراء لعام 2025، بدا كأنه «امتداد طبيعي وتلقائي لموازنة 2024 مع تغيّر في الأرقام التي تبدو في أغلب الأحيان غير واضحة المصدر». وهذا الأمر يأتي في سياق غياب تحديد الإطار الاقتصادي الكلي وتقييم للظروف والتوقعات، لافتاً إلى وجوب أن «توجّه المتغيّرات الرئيسية مثل النمو الاقتصادي والتضخّم وسياسة سعر الصرف وغيرها، توقعات الإيرادات والنفقات. فالإيرادات الضريبية تعتمد بشكل كبير على النشاط الاقتصادي وينطبق هذا على الكثير من الأمور في الموازنة، ولكنها لم تؤخذ في الاعتبار». كما أن العجز في الموازنة والذي إن بدا صغيراً نسبياً بقيمة 196 مليون دولار، إلا أن «التمويل غير متوافر في الظروف الحالية، ومن المعروف أنه لا يمكن الاعتماد على التمويل الخارجي، كما أن النظام المصرفي المحلي بما فيه مصرف لبنان، عبر سندات الخزينة كما تقترح مسوّدة الموازنة غير ممكن نظراً إلى أن البلد في حالة تخلّف عن السداد».
التوازن المالي ليس وحده المطلوب، بل إن تحقيق خفوضات إضافية في الإنفاق بما يكفي لتوليد 196 مليون دولار لسدّ العجز المتوقّع سيكون صعباً للغاية. «كان يجب توضيح أولويات الإنفاق بشكل أفضل مع التركيز على القطاعات الاجتماعية (الصحة والتعليم) وعلى البنية التحتية، ووجوب تصحيح الرواتب والأجور في القطاع العام بشكل تدريجي ومعالجة موضوع المتقاعدين ضمن خطة متكاملة، وهذا يتطلب إيجاد مصادر تمويل إضافية من خلال زيادة الإيرادات» يقول الشامي.
على جانب النفقات، لا يرى الشامي الزيادة فيها معلّلة، بل يقدّم سرداً يمزج بين أهداف يتبناها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مثل فرض الضرائب على الاستهلاك، على أن تتم تغطيتها بأهداف ذات طابع اجتماعي من أجل ردم الهوة الكبيرة في توزيع الدخل «مع نسبة قليلة جداً تستأثر بمجمل الدخل والثروة». لذا، يقترح تمويل الخدمات العامة الأساسية، على المدى القريب، من خلال زيادة الإيرادات الضريبية على النحو الآتي:
– فرض ضريبة انتقائية على المنتجات الفاخرة المستوردة وكذلك بعض الخدمات التي تُستهلك من المقتدرين، ما يمكن أن يساعد في إعادة توزيع الدخل مع تخصيص جزء من الأموال للخدمات ذات الأولوية التي تفيد الفئات المهمّشة.
– زيادة الضريبة الانتقائية على السجائر وغيرها من منتجات التبغ مثل النرجيلة والسيغار، بالإضافة إلى الكحول والمنتجات السكرية.
– زيادة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة نقطة واحد لتصبح 12% والتي ستبقى من الأدنى عالمياً وفي المنطقة.
– زيادة طفيفة في الضريبة الانتقائية على المنتجات البترولية يمكن أن تولّد إيرادات كبيرة.
استقرار سعر الصرف بالسياسات
يتطرّق سعادة الشامي إلى مسألة أساسية وردت في تقرير الموازنة عن «ثبات سعر الصرف»، مشيراً إلى أن ذلك يعود بشكل كبير إلى السياسة المالية التقشفية المتّبعة. لكنه يعتقد أن «ثمن هذا الثبات هو تقييد الإنفاق حتى على الخدمات العامة المهمة جداً لحياة المواطن، ومن المفضّل أن يذكر التقرير ما هو هدف وزارة المالية وبالتعاون مع مصرف لبنان بالنسبة إلى سياسة سعر الصرف لأن التثبيت قد يؤدّي إلى أضرار جسيمة في المستقبل، وخاصة أننا دفعنا أثماناً غالية لهذا التثبيت في الماضي والذي ساهم إلى حدّ كبير في الوصول إلى الأزمة الاقتصادية التي نعاني منها اليوم. يجب أن نعمل على سياسات مالية ونقدية تؤدي إلى استقرار في سعر الصرف وليس تثبيته، بمعنى آخر لا يجب على البلد أن يقع كلّه رهينة لثبات سعر الصرف».