الصدمات المناخية تحد من إنتاج النبيذ حول العالم

تكشف أحدث التقييمات حول أداء قطاع النبيذ العالمي أنه يعاني من تحديات غير مسبوقة، حيث أصبحت الصدمات المناخية المتكررة تهدد المحاصيل وتؤثر بشكل مباشر على جودة الإنتاج.

ومن موجات الحر والجفاف إلى الأمطار الغزيرة والبرد المفاجئ، يواجه المزارعون صعوبات متزايدة في الحفاظ على العنب ونضجه بالشكل الأمثل، ما ينعكس على الأسواق العالمية وأسعار النبيذ.

وهذه الظواهر المتطرفة لا تقتصر على منطقة محددة، بل تمتد بين أكبر الدول المنتجة مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، لتطرح تساؤلات جدية حول استدامة صناعة النبيذ في ظل التغير المناخي المتسارع.

وأعلنت المنظمة الدولية للكروم والنبيذ (أو.آي.في) الأربعاء أن إنتاج النبيذ العالمي ارتفع بشكل طفيف خلال عام 2025، لكنه ظل أقل من المتوسط للعام الثالث على التوالي، حيث واجهت مزارع الكروم ظروفا جوية قاسية ومتقلبة.

وفي التقديرات الأولية، قدرت المنظمة إنتاج النبيذ العالمي بواقع 232 مليون هكتولتر هذا العام، بزيادة 3 في المئة عن مستويات عام 2024، ولكنه لا يزال أقل بنسبة 7 في المئة من متوسط السنوات الخمس. ويُعادل الهكتولتر الواحد 133 زجاجة نبيذ قياسية.

وتشير البيانات إلى أن العالم كان ينتج أكثر من 260 مليون هكتولتر من النبيذ سنويًا، مع تباين كبير بين الإنتاج لكل دولة، ويشكل النبيذ الأحمر حوالي 70 في المئة من الإنتاج العالمي، بينما تتنوع بقية النسب بين الأبيض والوردي والفقير بالكحول.

وتحتل فرنسا مركز الصدارة على مستوى العالم، بإنتاج سنوي قياسي، خاصة مناطق بوردو وبورغوندي وشامبانيا، حيث تُعد الجودة والتصنيف معيارًا أساسيًا.

وتنافسها بقوة إيطاليا حيث تقدم مجموعة واسعة من النبيذ الأحمر والأبيض والوردي مع التركيز على التنوع الإقليمي. وتشتهر إسبانيا بالنبيذ الأحمر القوي ونبيذ الريوخا والشيري، مع إنتاج كبير يعتمد على المساحات الزراعية الواسعة.

وقال جون باركر، المدير العام للمنظمة، لرويترز “إذا نظرنا إلى أسباب انخفاض الإنتاج في السنوات الثلاث الماضية، فإن السبب الرئيسي يكمن في التغيرات المناخية التي شهدناها في نصفي الكرة الأرضية”.

وأضاف “شهدت بعض المناطق حرا وجفافا، ثم أمطارا غزيرة وصقيعا غير متوقع. وإنه لأمر لافتٌ للنظر أن هذه هي السنة الثالثة على التوالي التي نشهد فيها هذه التأثيرات”.

وفي أوروبا، سجلت فرنسا أصغر حصاد لها منذ عام 1957، وانخفض إنتاج إسبانيا إلى أدنى مستوى له في ثلاثة عقود، بينما استعادت إيطاليا مكانتها كأكبر منتج في العالم بزيادة قدرها 8 في المئة في الإنتاج، بفضل الظروف الجوية المواتية.

232 مليون هكتولتر تقديرات إنتاج هذا العام من النبيذ، بزيادة 3 في المئة عن مستويات عام 2024

وإلى جانب الدول الأوروبية، برزت دول مثل الولايات المتحدة وأستراليا وشيلي والأرجنتين كمنافسين عالميين قادرين على تقديم منتجات متنوعة تجذب الأسواق الدولية.

ومن المتوقع أن تنتج الولايات المتحدة، رابع أكبر منتج للنبيذ في العالم، 21.7 مليون لتر من النبيذ، بزيادة قدرها ثلاثة في المئة عن عام 2024، وإن كان أقل بكثير من ذروتها التاريخية وأقل بنسبة 9 في المئة من متوسط الخمس سنوات.

وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، أدى كل من ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار الطاقة القياسية إلى رفع تكلفة مدخلات الإنتاج مثل الأسمدة والزجاجات ووقود النقل.

وإضافة إلى ذلك، أدى ارتفاع أسعار الفائدة، التي جعلت الاقتراض للاستثمار أكثر تكلفة، إلى القضاء على العديد من شركات صناعة النبيذ، التي كانت تعتمد على هوامش ربح ضئيلة بالفعل.

وانتعش الإنتاج في النصف الجنوبي للكرة الأرضية بنسبة 7 في المئة بعد انخفاضه لثلاث سنوات متتالية، بقيادة جنوب أفريقيا وأستراليا ونيوزيلندا والبرازيل، مما عوّض الانخفاضات في تشيلي.

ومع ذلك ظل الإنتاج أقل من المتوسط بنسبة 5 في المئة، وفقًا لمكتب الإحصاءات الزراعية في الولايات المتحدة.

وأوضح باركر أن النمو المحدود في إنتاج النبيذ العالمي من المتوقع أن يُسهم في استقرار المخزونات وسط تباطؤ الطلب في الأسواق الناضجة، وانخفاض الاستهلاك في الصين، واستمرار حالة عدم اليقين في التجارة العالمية.

وقال “قد يكون انخفاض الإنتاج أمرا صعبا للغاية على المنتجين والمناطق بشكل فردي… ولكن من منظور الاقتصاد الكلي، يُعدّ هذا أمرا إيجابيا، لأنه يضمن بالفعل اتساق الإنتاج والاستهلاك إلى حد ما”.

ومن المقرر أن يُحدّث مكتب الإحصاءات الزراعية تقديراته في وقت لاحق من العام الحالي حول حجم الإنتاج في صناعة النبيذ.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةازدهار قطاع الرياضة يدعم أداء اقتصادات المنطقة العربية
المقالة القادمةالوكالة الدولية للطاقة تتخلى عن توقعات تسارع التحول الأخضر