قال محللون مصريون إن خطة الشركات السعودية ونظيراتها الخليجية التي تستهدف تنويع استراتيجيات الاستثمار بعد جائحة كورونا أدت إلى توجيه أنظارها نحو أصول استثمار بديلة أبرزها الصندوق السيادي الذي يحظى باهتمام إقليمي ودولي كبير في الآونة الأخيرة.
وأعلنت شركة الراجحي السعودية عن باكورة استثماراتها في مصر عبر صندوق لايتهاوس للاستثمار في التعليم والمملوك للصندوق السيادي المصري. كما كشفت وزارة التخطيط المصرية عن قرب توقيع مستثمرين سعوديين آخرين عقد إنشاء شركة متخصصة في الطاقة المتجددة المساهم المصري فيها أيضا هو الصندوق السيادي.
وتعزز استراتيجية الصندوق السيادي جذب الاستثمارات المباشرة الأجنبية، إذ لا تعتمد على استغلال الفوائض المالية أو البترولية، مثل صناديق دول مجلس التعاون الخليجي للاستثمار خارج البلاد، لكنه يستثمر في الأصول غير المستغلة داخل مصر، فضلا عن وجود أذرع استثمارية له تتمثل في صناديق فرعية متخصصة.
ودخل الصندوق السيادي المصري الذي تم تدشينه منذ ثلاثة أعوام قائمة التصنيف العالمي، واحتل المركز الحادي عشر عربيا والحادي والأربعين عالميا، بأصول مدارة قيمتها 11.96 مليار دولار، وفق بيانات صادرة عن معهد صناديق الثروة السيادية.
وتنعكس العلاقات السياسية والدبلوماسية الوطيدة بين القاهرة والرياض بالإيجاب على النواحي الاستثمارية والتجارية بين البلدين. ويبدو ذلك جليا من خلال زيادة مشروعات صندوق الاستثمارات العامة السعودي (صندوق الثروة السيادية) بمصر، والتعاون في مجالات الطاقة المتجددة، والاستثمار في قطاع التعليم، وعزم بعض الشركات توسعة استثماراتها في مصر.
ووفقا لأرقام الهيئة العامة للاستثمار المصرية، فإن السعودية تأتي في المرتبة الأولى من حيث الاستثمارات العربية بالبلاد، ويتعدى عدد مشروعاتها 5 آلاف في كافة المجالات الإنتاجية والخدمية، وتعمل نحو 5338 شركة سعودية باستثمارات تبلغ قرابة 54 مليار دولار، بينها استثمارات حكومية وشركات خاصة.
وتقدر استثمارات السعودية عبر صندوقها السيادي في مصر، حسب مجلس الأعمال السعودي – المصري، بنحو 10 مليارات دولار، من بينها مشروع لشركة أكوا باور السعودية التي تنفذ مشروع محطة الأقصر لتوليد الكهرباء باستثمارات تبلغ نحو 2.3 مليار دولار.
وتراهن السلطات المصرية على جذب الاستثمارات المباشرة المتدفقة من الخارج، باعتبارها مصدرا مهما للنقد الأجنبي، فضلا عن الآفاق الاقتصادية الأخرى المتمثلة في توفير فرص العمل الناشئة من زيادة معدلات الإنتاج، وبالتالي تقليل طابور البطالة الطويل وزيادة الحصيلة الضريبية، ومن ثم دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار إلى أن الصندوق السيادي المصري يزيد من فرص استقطاب الشركات السعودية الرامية إلى تنويع استثماراتها في مجالات متعددة دون الاعتماد على النفط فقط، ما يعزز إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص في البلدين، واستغلال الأصول الراكدة في مصر.
ويعد الصندوق وسيلة مهمة لتسريع الشراكة مع المستثمرين ويرفع ثقتهم في مناخ الاقتصاد ويحفزهم على ضخ المزيد من الأموال، فضلاً عن التغلب على البيروقراطية والروتين، إذ يستثمر بشكل مباشر مع الشركات في القطاعات الاستراتيجية.
ويمكن أن تستفيد مصر من الخبرات السعودية التي اكتسبتها خلال السنوات الماضية بترسيخ قطاع الطاقة الجديدة، إذ تعتمد على تنويع مصادر الطاقة دون الاقتصار على الطرق التقليدية القائمة على النفط، وهو توجه سعت إليه كل دول الخليج أيضا، وفي مقدمتها الإمارات.
ولم تظهر فاعلية الإجراءات التشريعية على تدفق الاستثمارات الخليجية نحو السوق المصرية إلا مع تدشين الصندوق السيادي، والذي يضمن حماية المستثمرين العرب من النزاعات القانونية أو الدخول في خلافات مع الوزارات بشأن تخصيص وملكية الأراضي أو تغيير أنشطة المشروعات، كما حدث مع عدد من الشركات السعودية والإماراتية والكويتية خلال سنوات سابقة.
وظهر ذلك جليا بتأسيس منصة استثمارية استراتيجية مشتركة بنحو 20 مليار دولار للاستثمار المشترك بين مصر والإمارات بعد عام من تأسيس الصندوق عبر شركة أبوظبي التنموية القابضة وصندوق مصر السيادي.
ويحظى الصندوق باهتمام دولي أيضا بالتعاون مع الشركات العالمية وآخرها في شهر أكتوبر الماضي، حيث جرى توقيع اتفاقية إنتاج الهيدروجين الأخضر في القاهرة مع شركتي سكاتك النرويجية للطاقة المتجددة، وفرتيغلوب المملوكة لشركتي أوراسكوم الهولندية وأدنوك الإماراتية، ومن قبل مع أكتيس البريطانية للاستثمار المباشر.