الصين تذكي معركة الهيمنة على تجارة المعادن النادرة

احتدمت النقاشات داخل الأوساط التجارية العالمية فور كشف الصين الخميس أنها وافقت على إنشاء واحدة من أكبر شركات عناصر التربة النادرة، للحفاظ على هيمنتها في سلسلة التوريد العالمية للمعادن الاستراتيجية. ويقول خبراء إن دوافع اهتمام الصينيين بتوسيع استثماراتهم في هذه المعادن تغذي بوادر المعركة التجارية مع الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، حيث ستكون الشركات التي تدخل في صناعتها مثل هذه المواد أكبر متضرر.

وتبدو الأوضاع مقبلة على انقلابات جذرية نتيجة تأسيس كيان عملاق وهو المجموعة الصينية للمعادن النادرة، بهدف احتكار المواد الضرورية للتقنيات المتقدمة من أجل زيادة قدرتها على التسعير في الأسواق العالمية. والدولة الآسيوية العملاقة هي أكبر منتج للمعادن النادرة في العالم، وهي تتكون من 17 عنصرا تُستخدم في أغلب الصناعات الحديثة من الهواتف الذكية وشاشات البلازما والمركبات الكهربائية وفي الأسلحة أيضا، مما يعطيها تفوقا في هذا المجال.

وأعلنت الحكومة في مرسوم إنشاء المجموعة الجديدة ومقرها في مقاطعة جيانغشي بشرق البلاد، والتي ستكون تحت الإشراف المباشر للجنة مراقبة وإدارة الأصول المملوكة للدولة التابعة لمجلس الدولة. وتم تأسيس المجموعة بشكل مشترك من قبل ثلاث شركات، وهي شركة الألومنيوم الصينية وشركة مينميتالس الصينية وشركة قانتشو للتربة النادرة. وبالإضافة إلى تلك الشركات ستكون في المجموعة مؤسستان بحثيتان، وهما مجموعة معهد أبحاث الحديد والصلب الصينية وشركة مجموعة غرينم المحدودة، بحسب ما ذكرته وكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا”.

وتعمل بكين منذ سنوات على إعادة هيكلة هذه الصناعة في إطار ست شركات تسيطر عليها الدولة، وتأمل من خلال عملية الدمج في الاحتفاظ بهيمنتها على إنتاج الفلزات الأرضية النادرة ذات الأهمية الاستراتيجية، والتي تسيطر على 70 في المئة من إنتاجها. وبالإضافة إلى ذلك، تعمل الصين بقوة لفرض هيمنتها على تلك الصناعات التي تسعى إلى تأمين طرق للإمدادات، في حال تم فرض قيود عليها.

وخلافا لما يوحي به اسم المجموعة فإن المعادن النادرة وفيرة نسبيا. لكنّ خصائصها الكهرومغناطيسية وهي حيوية في القطاع، تجعل منها معادن استراتيجية. ويرى خبراء أن التكنولوجيا اللازمة لتكرير وتنقية هذه المواد تعد سلاحا قويا بيد الصينيين، يمكن استخدامه لحماية مصالح أكثر من المعادن النادرة ذاتها، كما يتطلعون إلى حظر بيع التكنولوجيا لبعض الدول أو الشركات. وإلى جانب ذلك، فإن خطط بكين تشمل تحديد حصص تصدير هذه المواد لحماية مواردها المهددة بالاستنفاد. وعلى الرغم من أن الصين غنية بالمعادن النادرة، لكن هيمنتها تعود أساسا إلى استثمارات عامة ضخمة، بالإضافة إلى شبكة كبيرة لتكرير المواد الخام، وهي بنية تحتية لا تملكها إلا حفنة من البلدان.

وينتج ثاني أكبر اقتصاد في العالم نحو 90 في المئة من احتياجاته من المعادن التي يستخرجها من أراضيه أو يقوم باستيرادها لتجري معالجتها في مصانعه، قبل أن يعيد تصديرها باتجاه الولايات المتحدة على وجه التحديد. وفي إطار المشاحنات التجارية والجيوسياسية، تشعر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالقلق من الاعتماد المفرط على العملاق الآسيوي في هذا المجال، ويسعيان إلى تنويع إمداداتهما.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالأسواق الناشئة على أعتاب عام صعب
المقالة القادمةالديون الخضراء تنمو بوتيرة تخالف تأثيرها في الواقع