قال رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ امس الاثنين إن العلاقات الصينية – الأميركية والتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين تواجه صعوبات، ما يتطلب من الجانبين التحرك أحدهما في اتجاه الآخر، وأن يبذلا جهوداً مشتركة.
جاءت تصريحات لي أثناء اجتماعه مع مارك كاسبر، رئيس مجلس إدارة مجلس الأعمال الأميركي – الصيني في بكين.
وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن لي أضاف أن الصين مستعدة للعمل مع الولايات المتحدة لحماية قواعد التجارة الدولية بشكل مشترك، وضمان استقرار السلسلة الصناعية العالمية.
وفي غضون ذلك، خفّض المصرف المركزي الصيني (بنك الشعب) الاثنين نسبة فائدة مرجعية، معولا على منح المزيد من القروض للأفراد والشركات في سعيه لدعم النمو المتباطئ، وتحفيز ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ويعاني النشاط الاقتصادي في الصين من تراجع الاستهلاك في ظل الصعوبات التي تواجهها سوق العمل، وتباطؤ الاقتصاد العالمي الذي يضعف الطلب على المنتجات الصينية، وينعكس بالتالي على نشاط آلاف المصانع.
كما يعاني النمو من الأزمة الحادة في القطاع العقاري مع وصول شركات للتطوير العقاري إلى شفير الإفلاس، وعدم اكتمال كثير من ورش المباني السكنية. ولطالما ساهم قطاعا العقارات والبناء في إجمالي الناتج المحلي الصيني عند مستوى الربع.
وفي مؤشر آخر إلى التباطؤ، تراجعت القروض للأسر الشهر الماضي إلى أدنى مستوياتها منذ 2009.
وسعياً لتحفيز النشاط، خفض المصرف المركزي الصيني مجددا امس الاثنين سعر الفائدة على القروض الممنوحة لمدة عام، الذي يشكل مرجعا للقروض المصرفية للشركات والأسر، من 3,55 في المائة إلى 3.45 في المائة. وكان المصرف المركزي خفض هذه الفائدة في يونيو (حزيران) الماضي.
في المقابل لم يعدل المصرف المركزي نسبة الفائدة على القروض لقاء رهن عقاري التي بقيت عند مستوى 4.2 في المائة.
ويهدف القرار الذي كانت تترقبه الأسواق إلى تشجيع المصارف التجارية على منح المزيد من القروض بأسعار فائدة أفضل، ما سيؤدي بالتالي إلى دعم النشاط في ظل التباطؤ الاقتصادي.
واتخذ المصرف المركزي هذه الخطوة على نقيض القوى الاقتصادية الكبرى في العالم التي تعمد إلى رفع معدلات الفائدة لكبح التضخم.
وهاتان النسبتان المرجعيتان للأسواق في أدنى مستوياتهما التاريخية… غير أن محللين استطلعت آراءهم وكالة «بلومبرغ» توقعوا خفض نسبتي الفائدة بمعدل 15 نقطة أساس، مترقبين خفضاً أكبر لسعر الفائدة على القروض الممنوحة لمدة عام.
وقالت المحللة ماغي واي من مصرف «غولدمان ساكس» إن «الثقة هي العامل الأساسي للانتعاش». وعدت أن «هذا الخفض لنسبة الفائدة على القروض لمدة عام مخيب للأمل»، وقد تأتي برأيها بمفعول عكسي إذ عدتها الأسواق مؤشر «تمنّع» من بكين عن اتخاذ تدابير أكبر لإنعاش الاقتصاد.
وصدر القرار بعد اجتماع عُقد الجمعة بين المصرف المركزي والهيئات المالية الناظمة، تم الاتفاق خلاله على ضرورة تقديم «دعم» أكبر للاقتصاد والحدّ من «المخاطر الخفيّة»، على ما أفادت وسائل الإعلام الرسمية الأحد دون تحديد طبيعة هذه المخاطر.
وبعد تسجيل انتعاش في مرحلة ما بعد «كوفيد» نتيجة رفع القيود الصحية في نهاية 2022، بدأ النمو يتباطأ في الصين في الأشهر الأخيرة فيما يواجه القطاع العقاري أزمة حادة.
وتعاني شركة «كاونتري غاردن» للتطوير العقاري التي عدت لفترة طويلة متينة ماليا، من ديون طائلة تبعث مخاوف من تعثرها في السداد، ما سينعكس على النظام المالي في الصين، بعد سنتين من تخلف منافستها شركة «إيفرغراند» عن سداد مستحقاتها.
وفي سعيه لتنشيط الاقتصاد، خفض المصرف المركزي الصيني الثلاثاء نسبة الفائدة على القروض المتوسطة الأجل الممنوحة للمؤسسات المالية.
وشهدت الصين في الأسابيع الأخيرة تسلسلا من المؤشرات السيئة المتعاقبة، ما شدد الضغط على السلطات لاعتماد خطة إنعاش واسعة النطاق تتحفظ عن إقرارها خوفا من زيادة مديونيتها.
في المقابل تقوم الحكومة بخطوات متزايدة حيال القطاع الخاص الذي تضرر بصورة خاصة من الأزمة الصحية، كما حيال الاستهلاك مع إقرار تخفيضات ضريبية.
غير أن هذه التدابير لا تأتي حتى الآن بتأثير كبير في وقت بات حوالي شاب من أصل خمسة عاطلا عن العمل.
وعلقت الصين مؤخرا نشر الأرقام الشهرية المفصلة للبطالة المتزايدة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاما بعد وصول هذه النسبة إلى مستوى قياسي قدره 21.3 في المائة في يونيو وفق الأرقام الرسمية.
ويهدد ذلك هدف النمو الذي حددته الحكومة بحوالي 5 في المائة هذه السنة، وهي أدنى نسبة للعملاق الآسيوي منذ عقود، إذا ما استثنينا مرحلة تفشي «كوفيد». وأقرت الصين الأربعاء بأن تعافي ثاني أكبر اقتصاد عالمي في مرحلة ما بعد الجائحة سيكون صعبا، لكنها دحضت الانتقادات الغربية بعد سلسلة من المؤشرات الإحصائية المخيبة للآمال.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين إنه «في أعقاب الانتقال السلس من الوقاية والسيطرة على الوباء، تعافي الصين الاقتصادي هو تطور أشبه بتماوج وعملية متعرجة ستواجه بلا شك صعوبات ومشكلات».
من جهة أخرى، أظهرت بيانات اقتصادية صادرة عن الجمعية الصينية لإدارة الأصول أن حجم أصول الصناديق الخاصة في الصين بلغ في نهاية يوليو (تموز) الماضي 20.82 تريليون يوان (2.89 تريليون دولار).
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن الجمعية القول إن حجم أصول الصناديق ارتفع خلال الشهر الماضي عن الرقم المسجل في يونيو وكان 20.77 تريليون يوان. مضيفة أن صناديق الاستثمار في الأسهم، والتي يبلغ حجمها الإجمالي 11.22 تريليون يوان، شكلت الفئة الأكبر، من إجمالي الصناديق الخاصة.
وبلغ عدد الصناديق الخاصة المسجلة لدى الصين 152878 صندوقا تديرها 21996 مؤسسة حتى نهاية يوليو الماضي. ويذكر أن الجمعية الصينية لإدارة الأصول تأسست في عام 2012، وهي منظمة ذاتية التنظيم تمثل صناعة الصناديق المشتركة في الصين.