لن يُعطي المجلس النيابي تشريعاً يسمح للمصرف المركزي بوضوح استعمال الاحتياطي الإلزامي، أي أموال المودعين، لأن أياً من الكتل النيابية لن يقبل تحمل مسؤولية هذا الأمر الذي سيكون له تداعيات شعبية، كذلك تقع الحكومة أمام مأزق “ردّ الأموال” التي يمكن أن تقترضها من المصرف المركزي، ولو بشكل مقونن، فكيف تُردّ الأموال ومن أي مصدر؟
كل هذه الإشكاليات الضاغطة جعلت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يشكو قلة الحيلة وإمكان الاصطدام نهاية شهر آب، حيث لن يكون هناك إمكان لدفع الرواتب ولا تغطية الأمور الأساسية التي تحتاج اليها الدولة.
بحسب مصادر متابعة فإن توقف المصرف المركزي عن تمويل الدولة لا يعني وقف دفع رواتب القطاع العام، مشيرة الى أن الدولة قادرة على دفع الرواتب بالليرة اللبنانية من الإيرادات الشهرية التي تُجنيها، وهكذا يمكن الاستغناء عن حوالى 80 مليون دولار شهريا كان يدفعها المصرف المركزي للموظفين عبر منصة صيرفة، التي يبدو أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة اليوم، لكن هذا الخيار قد يؤدي الى زيادة الكتلة النقدية بالليرة في الأسواق ما يعني زيادة الطلب على الدولار وارتفاع سعره.
وتشدد المصادر على أن الأزمة الأساسية ستكون بالملايين الـ 30 التي يدفعها المركزي لتمويل شراء الأدوية، وهنا لا يملك ميقاتي أي تصور لكيفية تأمين هذه الأموال الشهر المقبل، إضافة الى حوالى 20 مليون دولار كان يدفعها المركزي لتمويل احتياجات الدولة المتفرقة كالمحروقات على سبيل المثال.
بحسب المصادر قد يكون إنقاذ ميقاتي وحكومته عبر استقالة نواب الحاكم وتحديداً الحاكم وسيم منصوري، إذ ان الاستقالة ستعني تسيير الأعمال داخل المصرف بالطريقة التي كانت تسير فيها خلال ولاية رياض سلامة، وهكذا تستمر الأمور على ما هي عليه الى حين انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وتعيين حاكم جديد.
بالشق السياسي، لا يمكن التقليل من أهمية الضغوط، على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، بالنسبة إلى الواقع القائم على المستوى السياسي، لا سيما أن هذا الأمر كان وجهة نظر موجودة عند بعض الجهات الخارجية، منذ ما قبل نهاية ولاية الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، على قاعدة أن البلاد ستكون في الفترة الفاصلة عن عودة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان على موعد مع تدهور كبير، من الممكن استغلاله بهدف زيادة الضغوط على بعض الأفرقاء، من أجل دفعهم إلى تقديم تنازلات في الاستحقاق الرئاسي.
وبغض النظر عما إذا كان هذا الأمر مخططاً له أم يأتي كنتيجة طبيعية لتطور الأوضاع اللبنانية، فإن هذا السيناريو، أي الضغط عبر البوابتين الاقتصادية والاجتماعية، لا يمكن تجاهله بأي شكل من الأشكال، نظراً إلى أنه قد يقود إلى تحريك الشارع من جديد، والأخطر أن الأنظار ستتجه إلى قوى الثامن من آذار، لا سيما مع تسلم النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري صلاحيات الحاكم، وهو ما كان يثير قلق الثنائي الشيعي منذ البداية، لذلك فإن الثنائي ينظر بقلق الى الوضع الاقتصادي، وسيكون له مواقف حاسمة بحال حصل أي تدهور مقبل.
تؤكد المصادر أن مستقبل شهر آب ليس واضحاً بعد، مشيرة الى أن هناك أمورا أكيدة وهناك احتمالات قائمة، والأكيد في هذا السياق هو أن أحداً غير قادر على تلبية شروط نواب الحاكم، فكيف يكون المخرج