الضغط على المصارف يفرض مزيداً من «التقشّف»

الاجراءات التقشفية التي تعتمدها المصارف تزداد صرامة يوماً بعد يوم. في الموازاة، يزداد عطش الناس لسحب ما أمكن من السيولة سواء كانوا يحتاجونها أم لا. وهكذا يكون الوضع قد دخل في دوامة يصعب الخروج منها.

«مجازر ترتكب بحق السحوبات» هذا باختصار حقيقة المشهد اليومي في المصارف اللبنانية، هكذا أوجز أحد المصرفيين الوضع المصرفي والمالي بعد مرور اكثر من شهر على الأزمة. فغالبية المودعين يتهافتون لسحب ودائعهم وتخبئتها في المنازل وهذا خطأ خصوصاً اذا ما كنا نتحدت عن ودائع ضخمة بالليرة اللبنانية. هذا التهافت على السحب بالليرة وبالدولار لحاجة او غير حاجة، دفع غالبية المصارف امس الى خفض سقف السحوبات فيها، فبعدما حددت جمعية المصارف سقف السحوبات بـ1000 دولار اسبوعياً، ورغم ان غالبيتها لم تلتزم بهذا السقف، عاودت المصارف أمس لتخفّض السقف مجدداً الى 500 دولار اسبوعياً ووصل في بعضها الى 200 دولار اسبوعياً. فهل هذا التراجع هو نتيجة بدء شح في السيولة أم انه يندرج ضمن القيود لحماية الايداعات؟

في هذا السياق، أكد الخبير المصرفي سمير طويلة أنّ كل التدابير التي يتخذها القطاع المصرفي مؤخراً تصبّ في خانة حماية ودائع الزبائن. وقال لـ«الجمهورية»: انّ اي مصرف في اي بلد في العالم أكان في اوروبا او الولايات المتحدة لا يمكنه ان يلبّي كل حاجات المودعين اذا قرروا فجأة سحب اموالهم، لأنّ المصرف لا يملك امواله نقداً إنما يوظفها في القطاع العام او في القطاع الخاص او لتغطية عمليات التجارة الخارجية. واكد طويلة انّ ملاءة المصارف اللبنانية هي جيدة وتتناسب والمعايير العالمية.

أما على صعيد العملات الاجنبية اي الدولار، فهناك تدابير احترازية اتخذها القطاع المصرفي لحماية ودائع الزبائن. وطَمأن طويلة ان لا خوف اليوم على السيولة مطلقاً، فالمصارف تسمح للمودعين بسحب اموالها بالليرة اللبنانية من دون سقوف، بواسطة الشيكات او نقداً، بينما القيود تطاول الدولار ورغم ذلك يدفع المصرف الدولار بواسطة الشيكات، فالنقدي غير موجود. وأوضح انّ النقدي هو سلعة خارج إطار العمل المصرفي، ففي اوروبا واميركا لا احد يتعامل بالنقدي، انما بالعملة الإلكترونية اي اما بواسطة «credit card» او التحويلات او الشيكات. فالقطاع المصرفي اللبناني كان مرناً في التعاطي مع المودعين، بحيث اننا حتى ضمن فترة الاستحقاق نسمح بإعطاء المودع أمواله، بينما هذا الأمر غير معتمد في بقية الدول.

وعن تقديره لكمية السحوبات بالليرة او بالدولار اليومية من المصارف، قال: وفق الميزانية النصف شهرية الصادرة عن مصرف لبنان، فقد تبيّن انه حتى 15 الجاري ليس هناك اي انخفاض ملحوظ في ودائع المصارف، وعلى عكس كل ما يُشاع لم يتم تحويل أموال الى الخارج، وفي انتظار الميزانية الشهرية لمصرف لبنان لا نتوقع ان يكون هناك تراجع ملحوظ في حجم ودائع المصارف.

وعن قدرة المصارف على الصمود، قال طويلة انّ المصارف بحاجة الى حكومة اليوم قبل الغد، وكل هذه التدابير الاحترازية التي تتبعها ستزول حين قيام حكومة ترضي المجتمع المدني.

تابع: صحيح انّ لدينا مشاكل اقتصادية، ولكن في السياسة عندما تتأمّن الثقة والاستقرار ستتراجع القيود لتعود وتنتظم الامور.

الصيرفة
وفي السوق الموازي، اي سوق الصيرفة، تخطى أمس سعر صرف الدولار الـ2000 ليرة ليصل في بعض المناطق الى حدود 2100 ليرة. وفي هذا السياق، يؤكد الصيرفي حسين اللقيس انّ هناك شحاً كبيراً في سيولة الدولار، وحتى يمكن القول انه لا يوجد دولارات في السوق سوى ما يُفرج عنه بعض اللبنانيين الذين يضعون الاموال في بيوتهم وهم يفرحون اليوم انّ قيمة الـ500 دولار باتت حوالى المليون او مليون و100 ليرة، فصرف الدولار هو ربح بالنسبة اليهم. وقال لـ«الجمهورية»: هناك شح في الدولار وعدم قدرة على الشحن من الخارج، والدولارات المتوافرة هي امّا من تصريف اللبنانيين للعملة وامّا من بعض السوريين الذين يأتون بالدولار لتحويله الى العملة السورية، أو العملة اللبنانية. ومعظم هؤلاء يتقاضون مساعدات شهرية من الامم المتحدة بالدولار. واستبعد اللقيس أن يزيد سعر الدولار في الايام المقبلة، خصوصاً اذا كان هناك حكومة قريباً.

مصدرايفا ابي حيدر - الجمهورية
المادة السابقة“نقابة مزارعي الحمضيات والأشجار الاستوائية” في الجنوب استنكرت دعوة الهيئات الاقتصادية للإضراب
المقالة القادمةأفيوني: ‏الـ haircut على الودائع يجب أن يكون آخر الحلول