فرض تفاقم أزمة الكهرباء، في العامين الماضيين، على المواطنين البحث عن خيارات جديدة، أبرزها الطاقة الشمسية، التي شهد الإعتماد عليها نمواً كبيراً جداً، يدفع بعض العاملين في هذا القطاع إلى الحديث عن “ثورة”، سيكون لها نتائج إيجابية في السنوات المقبلة، لا سيما أن رفع الدعم عن المحروقات، تحديداً المازوت، أدى إلى إرتفاع هائل في فاتورة المولدات الخاصة، الأمر شجع الكثيرين على الذهاب إلى هذا الخيار المستدام.
في هذا السياق، يشير أحد التجار العاملين في هذا القطاع جورج عازار، في حديث لـ”النشرة”، الى انه قبل عامين كانت غالبية المواطنين تكتفي بالسؤال عن التكلفة من دون الإقدام على الشراء، نظراً إلى أنه بالمقارنة مع فاتورة المولدات الخاصة لم يكن هذا الخيار مجدياً، لكن في المرحلة الراهنة تبدل الواقع، لدرجة بات على من يريد تركيب طاقة شمسية الإنتظار حتى يأتي دوره، بسبب إرتفاع الطلب.
من جانبه، يوضح مدير “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” التابع لوزارة الطاقة والمياه المهندس بيار الخوري أنه ما بين العام 2010 والعام 2020 تم تركيب نحو 100 ميغاواط، بينما في العام 2021 تم تركيب 100 ميغاواط أخرى، في حين من المتوقع أن يصل الرقم في العام 2022 إلى 250 ميغاواط، أي أن الإجمالي هو 450 ميغاواط.
ويشير الخوري إلى أن هذا الرقم يمكن القول أنه بمثابة معمل صغير خلال النهار، نظراً إلى أنه إذا كان المعدل 8 ساعات شمس ينتج المعمل ثلث كميّة العادي الذي يستطيع العمل على مدار ساعات النهار، وبالتالي من الناحية العملية الـ450 ميغاواط ينتجون كمية طاقة توازي لكمية ينتجها معمل طاقة 150 ميغاواط.
على الرغم من ذلك، يشدد عازار على أن الطاقة الشمسية غير كافية وحدها لتأمين التغذية التي يحتاج لها أي مواطن في الظروف الطبيعية، لأن المطلوب وجود مصدر آخر، لأن الطاقة الشمسية هي حل ناجح خلال ساعات النهار خصوصاً في فصل الصيف، بينما في الليل وخلال فصل الشتاء المطلوب أن تؤمّن كهرباء الدولة ما بين 4 أو 6 ساعات، على الأقل، لتتمكن البطاريات من الشحن.
بينما يؤكد الخوري أن هذا التطور مفيد جداً بالنسبة إلى المستقبل، وهو جزء أساسي من خطة الطاقة الموجودة منذ العام 2010، أي تطوير الطاقة المتجدّدة، يوضح أن النقطة الأولى في تطوير هذا النوع من هي رفع تعرفة الكهرباء العادية، نظراً إلى أنه في حال بقيت مدعومة لا يمكن السير بالطاقة المتجددة على نطاق واسع، الأمر الذي يعتبر أنه حصل عملياً من دون أيّ قرار فعلي بذلك، بينما كان يجب أن يكون من ضمن خطة لا تؤدّي إلى إنقطاع الكهرباء عن المواطنين.
ويوضح الخوري أنه إذا بقي المسار الحالي لتطور الإعتماد على الطاقة الشمسية، من الآن حتى نهاية العام 2024، لن يكون هناك من داعٍ للتقنين الكهربائي في لبنان، شرط أن تكون المعامل الموجودة تعمل بشكل طبيعي من دون خسارة، لأنّ الحاجة في ساعات الليل قليلة جداً وبالتالي فإنّ المعامل الموجودة تكفي، بينما تغطي الطاقة المتجددة الفارق في ساعات النهار.
على مستوى الزبائن أو المواطنين الذين يذهبون إلى هذا الخيار في الوقت الراهن، يلفت عازار إلى أن الغالبية هم من الطبقة المتوسطة، نظراً إلى أن العمليّة تتطلب إستثماراً لا يُعدّ بسيطاً، بينما أبناء الطبقات الفقيرة لا يجدون أنّ هذا الحل مجدياً بالنسبة لهم، على إعتبار أن التكلفة عالية، أما بحال قرروا الذهاب إلى تركيب نظام ذو كلفة متدنيّة فهو لن يكون نافعًا.
الى ذلك يلفت الخوري إلى أن الميسورين يذهبون إلى هذا الخيار بشكل تلقائي، والقرض الموجود لدى مصرف الاسكان هو من الناحية العملية يغطي أبناء الطبقة المتوسطة، حيث أنّ الراتب يجب أن يكون بين حدود 7 و9 مليون ليرة شهرياً، في حين يبقى أبناء الطبقة الفقيرة حيث يؤكد أن العمل قائم على تأمين آليات جديدة لمساعدتهم من خلال هبات، وبالتالي يكون قد تمّ تغطية كافة الفئات من الأفراد، وإذا ترجمت هذه الجهود إلى حقيقة سيتم الإعلان عنها.