“الطاقة” تُحرّر سعر المازوت وتُبقي ازدواجية الاستيراد المدعوم

في ليلة غاب عنها “ضوء قمر” البطاقة التمويلية، رفعت وزارة الطاقة الدعم عن مادة المازوت جزئياً. القرار اتخذ في 6 أيلول الحالي، وبدأ العمل به بعد يومين، أي اعتباراً من يوم الأربعاء الواقع فيه 8 أيلول 2021. وقد قضى بتحديد الحد الأعلى لسعر مبيع “الديزل أويل” غير المدعوم، ولزوم إعادة التصدير على أساس 540 دولاراً للطن، مع إضافة كلفة نقل بقيمة 112 ألف ليرة. ويمكن الاستفادة من شراء مادة “الديزل أويل” غير المدعوم لكل من يرغب في استعمالها. وتلغى في المقابل جميع القرارات والمذكرات والنصوص المخالفة لاحكام هذا القرار أو غير المتفقة مع مضمونه.

قرار وزارة الطاقة لا يعني توقف الدعم كلياً، إنما فتح المجال أمام كل الشركات المستوردة والقطاعات الراغبة باستيراد المازوت غير المدعوم. وهذه نقطة الضعف الاولى أو بالأحرى “مقتل” القرار. فبغض النظر عن الشح في فتح الاعتمادات للمازوت المدعوم، فان الابقاء على جزء مدعوم سيشجع الجهات المستفيدة على تخزينه أو تهريبه أو بيعه في السوق السوداء لتحقيق الارباح بدل استعماله في الانتاج. خصوصا أن الفرق بين الطن المدعوم وغير المدعوم يبلغ حوالى 5 ملايين ليرة. أما نقطة الضعف الثانية فهي عدم تحديد آلية فتح الاعتمادات لاستيراد المازوت غير المدعوم. “حالياً، يمول استيراد المازوت غير المدعوم عبر شراء الدولار من السوق الموازية بحسب سعر صرف الدولار الرائج. من دون أي تدخّل من مصرف لبنان لتأمين الدولار”، يقول رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط جورج فياض. “إلا أن هذه الطريقة لا يمكن أن تستمر بعد رفع الدعم كلياً. وعلى المعنيين توضيح الخطة التي سيتم على أساسها فتح الاعتمادات لاستيراد المحروقات”. ومن وجهة نظر فياض هناك حلان ممكنان لكل واحد منهما حسناته وسيئاته.

السماح باستيراد المازوت غير المدعوم قبل نحو شهر من المهلة المعطاة لرفع الدعم كلياً يعني بحسب عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس “الدخول إلى جهنم التي وعدونا بها”. فمن اليوم وصاعداً سيحدد سعر المازوت بسعر السوق. وفي ظل توقف مصرف لبنان شبه الكلي عن فتح اعتمادت للمازوت المدعوم فان كل القطاعات التي تنوي الاستمرار ستكون مضطرة إلى شراء المازوت غير المدعوم وتسعير منتجاتها على هذا الأساس. “ربطة الخبز على سبيل المثال سيرتفع سعرها إلى حدود 6000 ليرة في حال كان سعر الصرف في السوق الموازية 19 ألف ليرة”، بحسب نقيب أصحاب الأفران علي ابراهيم. “إلا أنهم لم يتبلغوا لغاية قبل ظهر أمس أي قرار يؤكد أو ينفي رفع الدعم عن المازوت المخصص للأفران”. أما فاتورة اشتراك المولدات فستتخطى مدخول 80 في المئة من الشعب اللبناني. حيث قد يرتفع سعر الكيلواط ساعة من حدود 2600 ليرة إلى 8000 ليرة لبنانية”، بحسب رئيس تجمع أصحاب المولدات الخاصة عبدو سعادة. أي أن أقل فاتورة ستفوق قيمتها 3 ملايين ليرة.

أمام هذا الواقع يعتبر مارديني أن “الخروج من الأزمة يتطلب العودة إلى العمل والإنتاج، وهذا لن يتأمن طالما المازوت مدعوم وغير متوفر. أما في ما خص السعر فيجب أن يتحدد بحسب سعر الصرف في السوق الموازية بمعزل عن أي تدخل من مصرف لبنان”. وهاجس عدم القدرة على تأمين كميات كبيرة من الدولار التي يتطلبها استيراد المحروقات من السوق والتخوف من أن لا يعد السعر مرتبطاً بالعرض والطلب فقط، انما بالندرة هو “أمر مبالغ به”، من وجهة نظر مارديني. فـ”الاستهلاك الهائل للمازوت والبنزين في لبنان في الأعوام الماضية (7.2 ملايين طن بقيمة 4.5 مليارات دولار في العام 2019. و6 ملايين طن بقيمة 2.5 مليار دولار في العام 2020) مبالغ به. وقد ذهب جزء كبير منه الى التخزين والتهريب. من هنا فان الطلب سيتراجع بوتيرة كبيرة وستتراجع معه الحاجة إلى الدولار النابعة من الحاجة إلى المحروقات”. من جهة ثانية يعتبر مارديني أنه “كلما استعمل المصرف المركزي احتياطياته من العملات الأجنبية على الدعم وتمويل التجارة الخارجية كلما انخفض حجم الاحتياطي وارتفع سعر صرف الدولار نتيجة تراجع الثقة بالعملة الوطنية. لذا من المفترض ان يخفف الانتقال لشراء الدولار من السوق الموازية الضغط عن مصرف لبنان، ويحد من انهيار سعر الصرف”.

مصدرنداء الوطن - خالد ألو شقرا
المادة السابقةمن يجرؤ على تمديد عقد البواخر؟ | بين الغاز المصري والفيول العراقي: 18 ساعة تغذية ممكنة
المقالة القادمةالبطاقة التمويلية تُبصر النور أخيراً… 25 دولاراً لكل فرد