العالم على أعتاب معضلة فقدان الأرز من الأسواق التجارية

يتعرض إنتاج الأرز في أجزاء من آسيا للتهديد بسبب ارتفاع تكاليف الأسمدة في وقت يتزايد فيه الطلب العالمي نتيجة اضطراب سلاسل الإمدادات، مما يشكل خطرا محتملا على الأمن الغذائي فضلا عن أنه قد يحبط الجهود المستمرة لاحتواء التضخم.

ويعد الأرز واحدة من أكثر السلع حماية من قبل الحكومات في مختلف أنحاء العالم، ولاسيما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ؛ فإلى جانب كونه جزءا من الأمن الغذائي يعتبر أيضا إحدى ركائز الاقتصاد ويرتبط بتحقيق الاستقرار الداخلي.

وما يجعله مادة غذائية مهمة وخاصة لسكان الشرق الأوسط أنه غير مكلف، وهو متنوع في شكله، حيث يوجد أكثر من 40 ألف صنف وتشكل أنواع البسمتي والأبيض والأسود أكثرها شيوعا.

ومع تزايد الاستهلاك العالمي، بالتزامن مع انخفاض المساحات المزروعة وأثر تغيّر المناخ، بات هذا القطاع الذي يجد نفسه اليوم بين تقاطع نيران الحرب في أوكرانيا مصدر قلق من تأثيرات ذلك على سوق الأرز المعرّض للاضطراب على المدى القصير.

ويعني تقليص استخدام الأسمدة إنتاج محصول أقل، حيث يتوقَّع المعهد الدولي لأبحاث الأرز انخفاض الإنتاج بنحو 10 في المئة خلال الموسم المقبل، وهو ما يعني خسارة 36 مليون طن أو ما يعادل غذاء 500 مليون شخص.

ويرى هيومناث بهانداري رئيس الاقتصاديين الزراعيين بالمعهد أن “هذا تقدير متواضع للغاية”. وقال لوكالة بلومبرغ إنَ “التأثير قد يكون أسوأ من ذلك بكثير إذا استمرت الأزمة في شرق أوروبا”.

ويتوقع خبراء مركز كاسيكورن للأبحاث في مذكرة بحثية انخفاض المحاصيل في تايلاند، ثاني أكبر مصدر في العالم، بسبب ارتفاع أسعار مغذيات المحاصيل. بينما في الفلبين، البلد الثاني عالميا من حيث الاستيراد، من المرجح أن يتراجع الإنتاج فيها بشكل أكبر.

وفي خضم ذلك تظهر الحاجة إلى عمليات الشراء في الخارج، حيث تشعر الصين، والتي تعد أكبر سوق استهلاكية على سطح الكوكب، بالقلق من تأثير الآفات على المحاصيل، بينما يعتمد إنتاج الهند على الرياح الموسمية الجيدة.

وعلى النقيض من الارتفاع الحاد في أسعار القمح والذرة إثر الحرب بين روسيا وأوكرانيا، كان ارتفاع أسعار الأرز طفيفا، لكن ليس هناك ما يضمن أنه سيظل كذلك.

ففي عام 2008 واجهت البلدان الآسيوية المنتجة للأرز ندرة في الأمطار ما دفع الأسعار إلى الارتفاع في حاجز الألف دولار للطن، أي أكثر من ضعف المستوى الآن، وسط حالة من الذعر بشأن الإمدادات.

والآن، ومع التنبؤات التي تفيد بموسم آخر تنخفض فيه معدلات الأمطار في بعض تلك البلدان، تبرز مخاوف من أن ترتفع أسعار الأرز في وقت لاحق من هذا العام.

وبحسب وزارة الزراعة الأميركية من المتوقع أن تصل مخزونات الأرز العالمية إلى مستوى قياسي يبلغ 190 مليون طن هذا العام. كما ترجح أن يتجاوز الإنتاج حجم الاستهلاك العالمي بأقل من 5 ملايين طن.

ولذا فإن الارتفاع المفاجئ في الطلب يمكن أن يتسبب في سرعة استنفاد تلك المخزونات وتعزيز الاتجاه الصعودي في الأسواق.

وفي حين أن القمح والذرة وزيوت الطهي قد تخلت عن الكثير من مكاسبها هذا العام بسبب تحسن النظرة المستقبلية للإمدادات، فمن الواضح أن إنتاج المزارع يعتمد في النهاية على الطقس الذي أصبح أكثر تقلبا نتيجة لتغير المناخ.

ويقول خبراء إن أي زيادة جديدة في تكاليف القمح والذرة ستؤدي حتما إلى إعادة إشعال الطلب على الأرز للأغذية وعلف الماشية.

ويركز الكثيرون على محصول الأرز في الهند التي تشحن حوالي 40 في المئة من صادرات العالم من المحصول الأساسي.

وقال في. سوبرامانيان، نائب الرئيس في رايس تريدر، إن “الإمدادات العالمية في خطر، ولكن في الوقت الحالي لا يزال لدينا توافر هندي هائل يحد من الأسعار”.

وقيدت الهند بالفعل صادرات القمح التي كان العالم يعتمد عليها لتخفيف شح الإمدادات قائلة إن أمنها الغذائي معرض للخطر.

وثمة مخاوف من أن يكون الأرز هو التالي في القائمة، على الرغم من أن احتمالات ذلك تعتمد على الأمطار الموسمية والحصاد هذا الموسم. وإلى حد الآن تتقدم الرياح الموسمية بشكل طبيعي.وفي الوقت الحالي تساعد صادرات الأرز الهندية في تخفيف أي شح يطال العرض في المنطقة.

ويؤكد خبراء كاسيكورن أن أسعار الأسمدة القياسية بعد الحرب في أوكرانيا كانت نقطة تحول للمزارعين في البلاد، وأن انخفاض استخدام مغذيات المحاصيل سيقلل من الغلة في وقت يتزايد فيه الطلب الخارجي.

ومن المقرر أن تنفق الهند، التي تعتمد بشدة على واردات الأسمدة، نحو 20 مليار دولار لتحصين المزارعين من ارتفاع الأسعار، ارتفاعاً من قرابة 14 مليار دولار التي حدّدتها في ميزانية فبراير.

وتعتبر الدولة التي تضم أكثر من 1.3 مليار نسمة ثاني أكبر منتج للأرز في العالم، وتُصدر إلى دول مثل السعودية وإيران ونيبال وبنغلاديش.

وتتوقع الفلبين انخفاض محصول الأرز لديها هذا العام بسبب ارتفاع تكلفة الأسمدة. كما أن الحكومة قلقة أيضا من ارتفاع تضخم أسعار المواد الغذائية، بما في ذلك تكلفة الأرز.

وسيؤدي ذلك إلى ظهور أعباء إضافية على المستهلكين خاصة بالنسبة إلى الأسر ذات الدخل المنخفض التي تنفق حوالي 16 في المئة من ميزانيتها على الحبوب الأساسية.

وحذرت الصين، التي توصف بأنها “أكبر مزرعة أرز في العالم”، من ارتفاع معدل الإصابة بالآفات والأمراض في محصولها هذا العام. وأبلغت بعض المقاطعات عن زيادة بنسبة 10 في المئة بالمنطقة المتضررة.

أما فيتنام، أكبر شركة شحن، فقالت إن “ارتفاع تكاليف الشحن والإنتاج يمثل تحديات، حتى مع ارتفاع الصادرات في النصف الأول من 2022”.

وقال سوبرامانيان إنه “بالنظر إلى الوضع الحالي تعمل الهند كمرتكز للأسعار بصادراتها الكبيرة”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةعودة رحلات السفر الدولية تُسرع تعافي قطاع الطيران
المقالة القادمةلبنان يرهق الناس بمضاعفة أسعار الاتصالات والإنترنت