قد يبدو تعميم “المركزي” الذي صدر يوم أمس “لتشجيع استعمال بطاقات الدفع بالفريش دولار (fresh) الصادرة محلياً، كمن فسر الماء بعد الجهد بالماء”. فالتعميم نص على أن «بطاقات الفريش دولار كافة ستصبح مقبولة لدى كل التجار في لبنان، ابتداء من 25 تموز الحالي، من دون أي تعديل في العمولات. وستتم التسوية للمدفوعات الخاصة ببطاقات الدولار الفريش من خلال حسابات المصارف خارجياً عبر شركتي «فيزا «و»ماستركارد». وبالتالي يتقاضى التجار كل ما قبضوه عبر بطاقات الدفع بالدولار الفريش الصادرة محلياً بشكل كامل، وكـ»فريش» دولار.
لمن لا يعرف «الاختراعات» اللبنانية لـ»تطوير» نظريات سعر الصرف، ويجهل «تشاطر» المصارف على عملائها، لا يرى في التعميم جديداً. إذ أنه من البديهي أن يقبل التجار مدفوعات الزبائن بهذه البطاقات التي تحوي دولارات طازجة، ويعودوا ويستحصلوا عليها نقداً من المصرف. لكن، هذا ما لم يكن يحدث. فالبنوك كانت تعيد الاموال بالدولار التي تراكمت في حسابات التجار من خلال عمليات البيع بواسطة بطاقات الفريش المحلية، بالليرة اللبنانية وعلى سعر صرف منصة صيرفة»، بحسب المستشار المالي د. غسان شماس. و»هو ما كان يخسّر التجار نسبة مئوية على كل مئة دولار، تعادل الفرق بين سعر صيرفة وسعر السوق الحرة. الامر الذي دفع التجار إلى اعتماد حل من اثنين:
– التوقف عن استقبل بطاقات الدفع المحلية بالفريش دولار بشكل كلي، والاعتماد على البيع النقدي بالدولار أو بالليرة بحسب سعر السوق الموازية.
– إضافة عمولة على عمليات الدفع بالبطاقات بنسبة توازي الفرق بين صيرفة وسعر السوق، أي بين 13 و15 في المئة. بمعنى أن القطعة المسعرة بـ 100 دولار تحتسب بـ 115 دولاراً في حال الدفع بالبطاقة.
في المقابل كانت المصارف التي تسدد مدفوعات البطاقة للتجار بالليرة على سعر صيرفة، تبيع الدولارات لمصرف لبنان بسعر السوق الموازية وتربح الفرق.
و»هذا ما أتى التعميم ليضع حداً له»، يقول شماس. حيث أكد على تقاضي التجار كل ما قبضوه عبر بطاقات الدفع بالدولار الفريش الصادرة محلياً بشكل كامل وكفريش دولار. وعليه لم يعد من حجة للتجار لرفض بطاقات المصارف المدينة أو الدائنة بالفريش دولار، أو حتى أخذ عـمولات غير قانونية عليها. وهو الامر الذي يساعد على الحد من انفلاش الاقتصاد النقدي cash economy من جهة، ويخفف الطلب الفردي والتجاري على صيرفة من جهة ثانية.
فالمستهلك لا يعود مضطراً إلى سحب دولاراته وتصريفها مباشرة بالبنك بواسطة صيرفة، أو لدى الصرافين من أجل إتمام عمليات الشراء. والتاجر لا يعود مضطراً إلى تحويل ما يتقاضاه من مدفوعات بالليرة إلى دولار بالطريقة نفسها. حيث يصبح بامكان التاجر تقاضي ما يدفعه الزبائن بالدولار النقدي من دون الحاجة إلى المرور بسوق الصرف. وبهذه الطريقة يرى المركزي أن التعميم سيساهم في تحريك العجلة الاقتصادية.
أما بخصوص بطاقات الدفع الاجنبية فلا يوجد فيها أي مشكلة. حيث يعمد المصرف الى التسديد بالدولار النقدي أيضا للتاجر بدل المدفوعات بواسطة هذه البطاقات على أن يعود ويحصل الدولارات من المصارف المراسلة عبر الطرق التقليدية.
التعميم لم ينس أن يذكر أن «السحب النقدي عبر البطاقات (اللولار) من ماكينات السحب الآلي ATM سيبقى وفقا للتعميم 151 مستمراً دون أي تعديل».
بمعنى أن السحب من بطاقات الحسابات «المسطو عليها» لم يعد صالحاً للمدفوعات عبر نقاط POS (POINT OF SALE) ويستفاد منها حصرا لسحب الودائع بالدولار على سعر صرف 8000 ليرة وبكوتا شهرية ترتبط بحجم الحساب وتختلف من مصرف لآخر.