قد يكون الإقبال المتزايد من قبل اللبنانيين على شراء العملات الرقمية، أو ما يعرف بـ cryptocurrencies كأدوات إستثمارية أمراً مفهوماً، إلا أن ما يثير التساؤلات هو إعلان عدة مؤسسات لبنانية قبول هذه العملات كأدوات دفع. وبحسب الخبراء فانه “كلما اشتد الخناق المالي على نظام ما أو على أفراد، كلما اتجهوا نحو خيارات بديلة. فهذه العملات المعمّاة (المشفّرة) والتي من المستحيل تتبعها أو ملاحقتها، تشكل واحدة من أفضل الوسائل للتفلت من العقوبات وتبييض الأموال والتهرّب من كل أشكال الرقابة الضريبية.
الخبراء يميّزون بين شكلين من الإستثمار: الأول، هو مراهنة الأفراد بمبالغ مالية صغيرة ومتوسطة على عملات ما زالت تعتبر رخيصة، مثل “كاردانو” وXRP اللتين تبلغ قيمتهما 1.2 و1.3 دولار على التوالي. ففي حال ارتفعت قيمتها على غرار ما حصل مع “دوجكوين” و”البيتكوين” يحققون أرباحاً هائلة، وفي حال انخفاضها تكون الخسارة محمولة. أمّا الشكل الآخر فهو الشراء بمبالغ كبيرة بقصد إخراج الأموال من دون إثارة الشبهات.
مقابل الطلب على العملات الرقمية بدأ يظهر “سماسرة” متخصصون، رأسمالهم “لاب توب” موصول على شبكة الإنترنت. هؤلاء الوسطاء يتقاضون المبالغ بالدولار النقدي من المستثمرين، ويشترون لهم إلكترونياً مقداراً محدداً من العملات الرقمية التي يختارونها، مقابل عمولة تتراوح بين 6 و10 في المئة. هذا النوع من الإقتصاد الريعي الجديد عززه الإنهيار النقدي، وفقدان الثقة بالعملة الوطنية والطمع بربح سريع وسهل. وهذا ما يذكّر بتجميد المدخرين مليارات الدولارات في المصارف اللبنانية طمعاً بالفائدة المرتفعة بدلاً من استخدامها في الإقتصاد المنتج الحقيقي. فهل تتكرر التجربة مع العملات المشفرة، ويخسر المستثمرون رهانهم وأموالهم؟ أم أن الإتجاه لنمو هذه العملات ما زال تصاعدياً قبل اتخاذ السلطات أي إجراءات رسمية لتشريعها وتحويلها إلى عملة معترف بها في الكثير من الدول رسمياً؟