الغاز مهدّد بالإنقطاع… ومخاوف من انضمامه إلى سوق المازوت والبنزين السوداء

قطاع الغاز الذي ظل حتى الأمس القريب محيداً عن أزمة المحروقات نظراً لحجمه الصغير، لحقته “لعنة” عدم فتح الإعتمادات، وتوزيعها بحسب المحسوبيات. ونظراً إلى كون المخزون الموجود لا يكفي لأكثر من أسبوع، فان أزمة غاز بدأت تلوح في الأفق وتنعكس انقطاعاً لهذه المادة في الكثير من الأسواق والمحلات وتحولها كالمازوت إلى سوق سوداء. الأمر الذي دفع برئيس نقابة العاملين والموزعين في قطاع الغاز فريد زينون إلى مناشدة المسؤولين عموماً، ومصرف لبنان خصوصاً، فتح الإعتمادات سريعاً وعدم جر قطاع الغاز إلى حفرة المازوت والبنزين.

بالمقارنة مع استيراد نحو 4 ملايين طن من مادة المازوت في العام 2020 بكلفة تخطت 1.6 مليار دولار، استورد لبنان ما يقارب 200 ألف طن فقط من الغاز المسال، بفئتيه المنزلي والصناعي، وبقيمة لم تتجاوز 200 مليون دولار. إلا أن هذا الحجم المتواضع لهذا القطاع “لا يعكس الأهمية الكبيرة للغاز في الإقتصاد بشكل عام، وفي الحياة اليومية للمواطنين بشكل خاص”، بحسب زينون، و”على عكس المادتين الأخيرتين ليس بمقدور المواطن او المؤسسات تخزين الغاز في غالونات أو براميل. وأقصى ما يمكن أن يمتلكه منزل هو قارورتان أو ثلاث من الغاز من أصل حوالى 7 ملايين قارورة بزنة 10 و35 كلغم موجودة بين المنازل والمؤسسات الانتاجية والأفران والمعامل والمستشفيات”. وبحسب زينون فان “خطورة انقطاع الغاز توازي فقدان مادة المازوت والبنزين، إن لم تكن أكبر. فالمواطن يستطيع أن يحد من تنقلاته لكنه لا يستطيع التوقف عن تحضير الطعام في المنزل. هذا بالإضافة إلى أن هناك الكثير من القطاعات الإنتاجية والصناعية تعتمد على غاز البروبان، وفقدانه يعني توقفها كلياً”.

أزمة المحروقات التي تذل المواطنين ما هي إلا النتيجة الطبيعية لـ”نقل ملف الدعم من مكانه الطبيعي في الحكومة إلى مكانه غير الطبيعي في مصرف لبنان”، يقول رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان مارون الخولي. فـ”من المستحيل إيكال إدارة ملف إقتصادي وإجتماعي وإنساني بهذه الضخامة والدقة إلى مصرفيين بخلفيات حسابية فقط، وإنتظار نتيجة مغايرة. وعدا عن طريقة الحساب المتعلقة بالربح والخسارة، فان فشل الحكومة وتخليها عن الملف، حتى قبل استقالتها وتحولها إلى تصريف الأعمال مع إطلاق يد المركزي، جعل الأخير يستنسب في فتح الإعتمادات”.

استمرار الدعم رغم فشله وتكبيده الإقتصاد والأفراد خسائر فادحة هو “أمر مقصود من قبل السلطة والمسؤولين لافادة بعض الفئات على حساب الأخرى”، برأي الخولي. و”عدا عن الإحتكار وتحقيق الأرباح والإستفادة المادية المباشرة، فان الدعم هو باب للإستزلام والمحافظة على الشعبية. حيث تحول عمل بعض النواب إلى وسطاء لتأمين المازوت والخدمات لجمهورهم. أيام قليلة ونكون أمام مشكلة من اثنتين: إما فقدان الغاز نتيجة عدم فتح الإعتمادات وانقطاع المازوت، وإما رفع الدعم عنه من دون وجود آلية بديلة لتأمين متطلبات الأسر والأفراد. وفي الحالتين يستحق السؤال: هل يشعل الغاز غضب المواطنين وضمائر المسؤولين بعدما فشل كل من المازوت والبنزين؟ أم يكون مادة جديدة للتندر والوقوف في الطوابير؟

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةمصرف لبنان يتوقّف عن فتح الاعتمادات: نهاية دعم المحروقات!
المقالة القادمةحواط: إستمرار الإنترنت مرهون بتوفر المازوت والكهرباء