عاد النقاش والسجال مجدّداً حول مشروع قانون الـ»كابيتال كونترول» بعدما حطّ رحاله على جدول أعمال اللجان النيابية المشتركة، وسط تشكيك بعض متابعي هذا الملف بإمكانية التوصل إلى نتيجة فعلية بعد مرور ثلاث سنوات على بداية الأزمة والإنهيار المالي، في حين تُوحي المواقف المعلنة وغير المعلنة للقوى السياسية والكتل النيابية بأن هناك تفاهماً ما على السير بهذا المشروع إلى الأمام لا سيما وأنّه من العناوين والخطوات والإجراءات المطلوبة من صندوق النقد الدولي.
هذه التفاهمات تُرجمت في جلسة اللجان النيابية المشتركة أمس من خلال السير قدماً في إقرارعدد من فقرات المادة الثانية من القانون، بعدما كانت أقرّت مادته الأولى الأسبوع الماضي، على أن يُستكمل النقاش في جلستين تعقدان أسبوعياً وفق ما أعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بعد الجلسة أمس، بعد الإتفاق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.
والملفت في ما أعلنه بو صعب أنّ الفقرات التي تمّ إقرارها هي من التعاريف ضمن المادة الثانية، وأن النقاش توقف عند أهم تعريف وهو المتعلق بالأموال الجديدة، قبل الدخول في المادة الثالثة، وهي المرتبطة بإنشاء لجنة خاصة تشرف على تطبيق الـ»كابيتال كونترول»، وهنا بيت القصيد، وفق توصيف بو صعب.
ما أعلنه نائب رئيس مجلس النواب وما تبعه من مواقف لعدد من النواب والكتل، أوحى بوجود شبه تفاهم لإقرار هذا المشروع ومن ثم مشروعي إعادة هيكلة المصارف والتوازن المالي لكي تصبح هذه المشاريع الثلاثة جاهزة ضمن سلّة واحدة تودع أمام الهيئة العامة لمجلس النواب كي تأتي في إطارالتكامل مع خطة التعافي التي أعدّتها الحكومة.
هذا التزامن الذي عبّر عنه بشكل واضح عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عدوان، سبقه طرح عضو كتلة «حزب الله» النائب حسن فضل الله الذي أثار «وجود شركات ومصارف تعمل مع وزارة المال لقبض المستحقات من المكلفين اللبنانيين «كاش» وتسديدها بالشيكات بعد شرائها من السوق في أقل من سعرها وتحقّق أرباحاً طائلة على حساب المواطن وخزينة الدولة، وأنّ هناك مصارف وشركات محظية حصلت على إمتيازات في هذا المجال، خصوصاً أنّ المصارف نفسها ترفض قبول الشيكات لتسديد القروض، وتمتنع عن إعطاء حتى الموظفين رواتبهم دفعة واحدة، فضلاً عن حجزها أموال المودعين».
وتمّت مطالبة الجهات القضائية بالتحقيق في هذه القضية، لمعرفة ملابساتها وتكليف نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال متابعة الملفّ والعودة بأجوبة حول الأسئلة التي طرحها النواب نظراً لغياب وزير المال.
بدوره، عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب أشرف بيضون قال لـ»نداء الوطن»: «نحن نعتبر أن الأساس هو حماية أموال المودعين واعتبارها مقدّسة وهو ما تمّ تثبيته في المادة الأولى، ونحن مع أن يكون النص المتعلق بتعريف الأموال الجديدة واضحاً وشفّافاً ولا لبس فيه لكي لا يفسح في المجال لأي إستنسابية من قبل المصارف ومصرف لبنان، لذلك نحن مع ضبط المصطلحات وتوضيحها من خلال النقاش الجدّي الذي يحصل داخل اللجان والذي يصب في غالبيته في خانة حماية أموال المودعين».
سطو موصوف؟!
في المقابل، ترى مصادر متابعة لملف الـ»كابيتال كونترول» أنّ ما يجري هو تمهيد لعملية «سطو موصوف» من خلال تدابير وإجراءات وقائية توصل إلى «جهنّم التصفية» و»جنّة إعادة الهيكلة» لأنّ الحديث عن السير بالقوانين الثلاثة يُثبت نظرية التمييز بين الأموال القديمة والأموال الجديدة والمؤهّلة وغير المؤهّلة وينسف الودائع عبر تسميات من صنف الصندوق السيادي وغيره، تؤدّي جميعها إلى إعطاء صلاحيات إستثنائية لمصرف لبنان بشكل مباشر أو غير مباشر ومن خلال اللجنة المزعومة والهيئة المصرفية العليا التي تُعطي حاكم مصرف لبنان سلطة إستنسابية لتحديد المصارف، وبالتالي تصنيفها من دون أن تُسأل أو حتى يسأل مجالس إدارتها عن تعثرها وعدم قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها وتطبيق القوانين 267 و11091 و2867 كما يحصل الآن مع مصارف «البركة»، «فيدرال بنك» و»الإعتماد الوطني»، والخلاصة إعفاء رؤساء وأعضاء مجالس إدارة المصارف من أي مسؤولية أو محاسبة بحجة الدخول في «جنّة الهيكلة».
وترى المصادر أنّ كل ما يجري هو محاولات تُمهّد من دون أدنى شك لتضييع حقوق المودعين حتى لو حاولوا الإيحاء بحمايتها عبر نص في القانون، بينما هي محمية بحكم الدستور الذي يُعتبر أقوى من القانون. وتختم المصادر بأنّ الأيام المقبلة ستُبرهن صحة هذه التوجهات من خلال التصفيات التي تجرى الآن مع عدد من المصارف ودفع مبلغ الـ75 مليون ليرة كضمان للوديعة والباقي «كلفنا خاطرك» و»العوض بسلامتك».