القانون يتصدى لتحويل زيادة الرسوم والعمولات المفروضة على العملاء في المصارف إلى “خُوّات”

بعض الخبراء في الشؤون المالية يرى ان هناك من تجاهل في القطاع المصرفي ثقافة التعامل الشفاف والعادل مع عملائه، ومنها إلزامية تزويدهم بالمعلومات الدقيقة الواضحة والوافية Key Information حول شروط المنتجات او الخدمات، منافعها والمخاطر المتأتية عنها وإعلامهم بأي تغيير في هذه الشروط مع ضرورة الرد على اي استفسار من قبل العملاء بمهنية عالية وبالثقة والسرعة اللازمة، على أن تتضمن هذه المعلومات على سبيل المثال لا الحصر:

– طريقة احتساب الكلفة الفعلية (النفقات و/أو العمولات و/او المصاريف و/او الاعباء كافة و/او مبالغ أخرى لكل منتج او خدمة.

– ضمان ملاءمة الخدمة او المنتج المقدم او المطلوب لوضع العميل وحاجته Suitability

وغيرها من الأمور التي تضمنها القرار رقم 11947، الصادر عن ​مصرف لبنان​ حول أصول إجراءات ​العمليات المصرفية​ والمالية مع العملاء الصادر في 12 شباط 2015.

من المعلوم أنه في ​تشرين الاول​ 2019، وبعد اندلاع الثورة في لبنان، ومن أجل منع نزوح ​رؤوس الأموال​ فرضت ​المصارف​ التجارية قيوداً شديدة على السحب من الودائع في 12/1/ 2020، بعد حجز أموالهم.

طلب حاكم مصرف لبنان في وقت سابق صلاحيات استثنائية لتنظيم القيود التي طبقتها المصارف العاملة في لبنان على المودعين وتوحيدها لضمان تطبيقها بشكل عادل ومتساوٍ على البنوك والعملاء.

وفي غضون ذلك، مع الاختفاء الكلي لعملة الدولار في السوق المالية، عمدت المصارف الى شدّ القيود على السحوبات النقدية وعلى تحصيل الشيكات بالليرة اللبنانية. وبدأت بتكليف الزبائن عمولات من نوع جديد، بالإضافة إلى رفع نسب عمولات مطبّقة. وبدون الدخول في أرقام هذه الرسوم و​العملات​، التي تفاوتت بين مصرف وآخر، مصادر مالية مراقبة ربطت أسبابها بـ:

– تعويض الخسارة الفائتة من أرباحها الناتجة من رفع ضريبة الفوائد من 7% إلى 10%.

– وضع قيود على السحب النقدي بسبب النقص في الدولارات في الفروع المصرفية، وخصوصاً بعدما شهدت منذ مدة طلباً من الزبائن على السحب النقدي بالدولار، مقابل عجزها المتنامي على تلبية الطلب الإجمالي.

– مواكبة أزمة انحسار الايرادات، عن طريق إيجاد مصادر جديدة لتمويل الكلفة التشغيلية للمصارف.

هل الإجراءات التي تفرضها المصارف على المودعين من رفع نسب العمولات والرسوم في عمليات السحب والايداع ونقل الاموال، الى اقفال الحسابات، والتلاعب بسقوفها وغيرها من العمليات المصرفية قانونية بعد حجز الأموال؟ كيف بالامكان رفضها او حتى مقاضاة المصارف؟

الأستاذة الجامعية والباحثة في القوانين المصرفية والمالية د. سابين الكيك تقول لـ “الاقتصاد”: لا يمكن للمصارف تحت أي ظرف أومسمّى أو حجة أن تعدّل الشروط العقدية لمصلحتها الخاصة وبمحض إرادتها المنفردة. هذا هو المبدأ القانوني العام الراعي للعلاقات العقدية المتعددة الأطراف، الذي عاد وشددّ عليه أيضاً قانون حماية ​المستهلك​ بصورة واضحة وصريحة في المادة 26 منه، حيث اعتبر البند الذي يعطي للفريق الأقوى والممتهن امكانية تعديل شروط العقد لمصلحته من قبيل البنود التعسفّية.والبنود التعسفية هي تلك التي ترمي أو تؤدي إلى الإخلال بالتوازن بين حقوق وموجبات المحترف والمستهلك لغير مصلحة هذا الأخير، وتكون باطلة بطلاناً مطلقاً دون أن يمتد أثر البطلان على العقد ككل إذ تبقى مفاعيله الأخرى سارية.

لذلك، من حق العملاء رفض كل أشكال “الخوات المصرفية”مهما كانت ذريعة البنك، وأياً كانت التسمية؛ عمولة أو مصاريف أو تكاليف أو رسوم. وننصح العميل بعدم الرضوخ للتهويل المعنوي الذي تمارسه المصارف عبر موظفيها وإدارتها، خصوصاً لناحية تهديده بإقفال الحساب، وعلينا الاشارة بهذا الخصوص أنه كان للمحاكم اللبنانية مواقف عادلة ومحقة، فألزم قضاء الأمور المستعجلة المصارف بإعادة فتح الحساب تحت طائلة ​غرامة​ إكراهية (وصلت احياناً إلى عشرين مليون ليرة لبنانية) عن كل “يوم تأخير”عن عدم تنفيذ القرار.

ولا بدّ في السياق عينه، تذكير العملاء المدينين بقروض مصرفية، أن قانون تعليق المهل أقر من السلطة التشريعية لحماية المدين والسماح له بالتأخر عن دفع الموجبات العقدية المستحقة عليه، وبالتالي “فائدة التأخير” ألغيت بحكم القانون ولا يحق للمصارف فرضها على المدين، كما لا يجوز لها اللجوء، في ظل هذا القانون الاستثنائي، إلى إجراءات التنفيذ. إذا كل مدين تلكأ عن الدفع منذ صدور قانون تعليق المهل هو تحت حماية قانونية تقيه جزاءات عدم الدفع، غرامات أو فوائد التأخير، وكل انواع المصاريف التي تدّعي المصارف بتوّجبها عليه.

كل المصاريف والعمولات المطبقة في المصارف باتت وكأنها ضريبة غير مقوّننة تفرضها البنوك كونها محمية من النافذين السياسيين الذين يشكلون عدداً كبيراً من مساهمي ومالكي هذه البنوك.

 

مصدرالنشرة - رولى راشد
المادة السابقةالرئيس عون يترأس بعد قليل إجتماعاً أمنياً إقتصادياً مالياً في ​قصر بعبدا​
المقالة القادمةالتحقيق المالي الجنائي.. “رهينة المنظومة”