القطاع العقاري وقع وكثر “سلاخوه”

«بدأ المودعون في العام 2020 شراء العقارات من شقق وأراض بشكل هستيري»، يقول الخبير العقاري ومدير عام CENTURY 21 أحمد الخطيب. «ساعدهم في ذلك وجود مخزون كبير عند المطورين العقاريين، وقبول المصارف بتسكير ديونهم بحوالات وشيكات مصرفية». عمليات بيع وشراء العقارات في هذا العام التي وصلت بحسب الدولية للمعلومات إلى «82 ألف عملية، بقيمة 14.4 مليار دولار» عادت للتباطؤ بعد نهاية الفصل الأول من العام 2021. وقد «اقتصرت عمليات البيع على بعض المطورين المضطرين إلى تسوية أوضاعهم مع المصارف، والذين لم يزالوا يملكون فائضاً في مخزونهم»، بحسب الخطيب. و»مع نهاية العام 2021 انهارت قيمة الشيك المصرفي، ولم يعد يساوي أكثر من 25 في المئة، فيما المطورون العقاريون الذين سددوا ديونهم لم يعد يهمهم البيع مع حسم، وأصبحوا يطلبون التسديد بالعملة الصعبة. أما حاملو الدولار النقدي فبدأوا يفاوضون على الشراء بحسم 70 و80 في المئة. فتوقفت عمليات البيع، ودخلنا بشلل تام».

أمام هذا الواقع تراجعت أسعار العقارات في بعض المواقع بنسبة وصلت إلى 50 في المئة. فالشقة التي كانت تباع بـ 200 ألف دولار، أصبح بإمكان من يحمل الكاش دولار شراءها بـ 120 ألفاً وربما أقل. بيد أن هذا لا يعني من وجهة نظر الخطيب «خسارة من بادلوا مدخراتهم المصرفية بالعقارات مرتين. فالخسارة في العقار مهما كانت كبيرة تعوض مع مرور السنوات بشكل تلقائي، فكيف إذا صاحب هذه السنوات تحسناً في الوضع الاقتصادي. ومما يزيد من هذه القناعة هي ندرة الأراضي في لبنان، وارتباط تطوير العقار بما يعرف بـ «تكلفة الاستبدال» REPLACEMENT COST. فالذي يعتبر أن سعر 3000 دولار لمتر البناء على الرملة البيضاء مرتفعاً، لا يستطيع توفير أرض للبناء عليها والبيع بسعر أرخص».

معاناة القطاع العقاري وما يرافقها من مخاطر على الأمنين الاجتماعي والاقتصادي، لم تردع الدولة من تسليط سيف الضرائب والرسوم عليه في موازنة 2022. فلم تلتفت إلى أن هذا القطاع يؤمن السكن باعتباره أحد أهم حقوق المواطن، ويشغل أكثر من 75 مهنة ومصلحة وعشرات آلاف العمال في مختلف الاختصاصات… فأثقلته بالمزيد من الاعباء. حيث تضمنت موزانة العام 2022 مجموعة كبيرة من الضرائب والرسوم، منها:

1- ضريبة بنسبة 50 في المئة من صافي الايرادات المقدرة على العقارات الشاغرة لأكثر من عامين. وهو الأمر الذي سيحد من رغبة المطورين من بناء الشقق والمساكن ولن يشجعهم على البناء والبيع بأسعار رخيصة كما يأمل معدو الموازنة. وسيؤدي إلى خسائر هائلة في المجمعات التجارية التي فقدت أكثرية مستأجريها وسيدفع بعضها إلى الإقفال.

2- تخفيض قيمة تنزيل الضريبة على الأملاك المبنية من 13200 دولار إلى حدود 2000 دولار.

3- زيادة الرسوم على الاشغال الطبوغرافية بحوالى 18 ضعفاً في المادة.

4- زيادة الرسوم لدى السجل العقاري من 4 أضعاف إلى 25 ضعفاً.

القطاع العقاري الذي شكل ما يقرب من ثلث حجم الناتج المحلي الاجمالي في العام 2019، بامكانه النهوض بالاقتصاد إذا أعطي الاهتمام، كما ويمكنه كسر الاقتصادي وخلق انفجار اجتماعي في حال إهماله»، برأي القراب أبي نصر. و»الخطورة المحدقة به اليوم تتمثل بعدم وجود مشاريع عقارية جديدة، ولا أخرى تلوح في الأفق. وبالاضافة إلى إثقال القطاع بالضرائب والرسوم وعجز المواطنين عن الشراء والتملك على الصعيد الداخلي، فان أسعار مواد البناء من حديد وأخشاب ولوازم أولية تشهد ارتفاعات كبيرة وكلفة النقل والشحن تزداد بنسب كبيرة. وعليه فانه بسبب تراجع الربحية إلى حد انعدامها تتوقف عمليات التطوير العقاري وتتراجع معها قدرة الأفراد على السكن والمؤسسات الانتاجية على التوسع والانتشار. وهذه عوامل مهدمة للاقتصاد».

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةلا تغطية لودائع الدولار
المقالة القادمةخروج 14 ملياراً خلال الأزمة من الحسابات الائتمانية