“الكابيتال كونترول” يضع “العصمة” بيد “المركزي”

إختار معدّو إقتراح قانون “الكابيتال كونترول” وضع “العصمة” بيد مصرف لبنان. فعلى الرغم من مهاجتمه “ليل – نهار” وتحميله مسؤولية الأزمة، أعاد أعضاء لجنة المال والموازنة النيابية تفويض “المركزي” ومن خلفه المصارف، تحديد سعر الصرف، وتغيير معدلات السحب، والبتّ بمراجعات المودعين بشكل قاطع. فيستحيل القطاع المصرفي مع هذا القانون “الخصم والحكم”. عدا عن دوره كـ”مدماك” أساسي في أي خطة مستقبلية للخروج من الأزمة، فان على قانون “الكابيتال كونترول” أن يجيب ما يقارب 2.7 مليون مودع، عن إمكانية سحب نسبة من الدولار من ودائعهم المقدرة في الفصل الأول من هذا العام بـ 107 مليارات دولار؛ وهذا ما لم يفعله. فحدد القانون سقف السحب من الوادئع بالعملة الأجنبية بـ20 مليون ليرة سواء كان المودع فرداً أم شركة، يملك بضعة آلاف أو ملايين الدولارات. وأبقى في المقابل تحديد سعر التحويل من الدولار إلى الليرة مبهماً وبيد مصرف لبنان.

ولكن في المقابل فان التوسع بالكتلة النقدية بالليرة اللبنانية سيزيد الطلب بشكل مباشر (عند الصرافين) وغير مباشر(عبر الإستيراد) على الدولار، مما سيهوي بسعر الصرف بشكل كبير ويرفع التضخم. الأمر الذي يدفع في المستقبل غير البعيد أن تصبح 20 مليون ليرة تساوي فعلياً 100 دولار.

مقترح قانون “الكابيتال كونتورل” الذي يتضمن صاعق تفجير ذاتياً في كل بند من بنوده، قد يكون سابقة تشريعية لجهة الشعبوية والعشوائية. ومن الممكن أن يكون إخراجه بهذا الشكل الذي يخالف شروط المرحلة وظروفها، مقصوداً لتبرئة ذمة واضعيه بانهم أدوا قسطهم إلى العلى مع علمهم أنه لن يبصر النور. فـ”تمويل القانون غير مؤمن، والمصارف اعترفت بالتوازي أن التزاماتها الخارجية أكبر من موجوداتها الخارجية، ويقدّر الفارق السلبي بـ1.7 مليار دولار أميركي، وطالبت بتمويله من مصرف لبنان. والأخير سيرفض حتماً تمويله من الاحتياطي”.

فوق هذا كله، أنشأ المقترح ما يعرف بـ”الوحدة” في مصرف لبنان التي تعود لها صلاحيات إستثنائية رقابية وتقريرية لمصرف لبنان في البت بطلبات تحويل الأموال إلى الخارج بشكل قطعي. ففي حال رفضت الوحدة طلب التحويل المقدم من المصرف بحسب المقترح، “يكون للعميل الحق في تقديم مراجعة أمام المجلس المركزي لمصرف لبنان، وتكون قرارات الأخير غير قابلة بأي طريقة من الطرق للمراجعة العادية وغير العادية، الإدارية والقضائية، بما فيه تجاوز حد السلطة”.

أمام “المجزرة” التي نُكل بها طوال السنة ونصف السنة الماضية بالمودعين خصوصاً والمواطنين عموماً، يأتي مقترح قانون “الكابيتال كونترول” ظالماً أكثر بحق أصحاب الحقوق. و”بدلاً من اتباع الأصول وإقرار تقييد رؤوس الأموال ضمن برنامج متكامل إنمائي إجتماعي وإقتصادي مشرف عليه من قبل الدولة بعد 17 تشرين الأول مباشرة، لمنع إخراج الأموال وإفراغ البلد من العملة الصعبة مع الدخول بالازمة، جرى التهرب منه”

في كلتا الحالتين استمرت الإستنسابية واستمرت المصارف بـ”تمنين” المودع من جيبه، وصولاً اليوم إلى اقتراح “كابيتال كونترول” معدّ من دون اتفاق مع صندوق النقد الدولي وقبل إعادة هيكلة المصارف وتوحيد سعر الصرف. وهو يضمن إستثناءات بالتحويل “من دون أن يضبط ملايين الدولارات التي تخرج عبر الدعم وتهريب الأموال والإحتيال”، بحسب ضاهر. وهو ما يخالف أبسط قواعد تقييد رؤوس الاموال.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةشكويان في باريس: «حصار» أوروبي لسلامة
المقالة القادمةالعراق يستثمر 3 مليارات دولار في شركة لإنتاج الغاز الطبيعي