ربّما لم يشعر القسم الأكبر من السكّان بخطر شركات استيراد الأدوية عليهم إلا أخيراً، بعد أن باتت «بلطجتها» ظاهرة، لكن «كارتيل الدواء» موجود في لبنان منذ سنة 1867، وهو بنى رويداً رويداً إمبراطوريته، «ثمّ نالت الشركات وكالات في أعوام 1897 و1927 و1946 و1959، فتشكّل العامود الفقري الأساسي للكارتيل»، يقول النائب السابق اسماعيل سكرية. الأخطر من وجوده، هو أنّ الكارتيل محميّ من السلطتَين السياسية والقضائية، بما يؤدّي إلى تعطيل كلّ المحاولات الإصلاحية في قطاع الأدوية.
في 26 آب 2020، أعلن نقيب شركات الاستيراد، كريم جبارة (وهو أحد أعضاء الكارتيل)، أنّ «رفع الدعم سيكون بمثابة الكارثة الإنسانية لأسباب عدة، منها أنّ المواطن يدفع حالياً 35% من فاتورة الدواء وبالكاد يستطيع تحمّلها». وفي 9 تموز 2021، أصبح جبارة من المُنادين بتحرير سعر الأدوية «غير الأساسية» لأنّه «يُريح السوق نوعاً ما، كونه يُخفّف من التهريب والمشاكل». الأدوية «غير الأساسية» التي يريدها جبارة، وبقية المحتكرين، أن تكون مصدر ثروتهم الجديد، ليست فقط المكمّلات الغذائية (قد تكون أساسية للعديد من السكان) بل أيضاً دواء السعال وحماية المعدة والمسكّنات والالتهابات التي يشتريها أغلبية السكان، ومنهم الفقراء، لمداواة صحتهم بأنفسهم من دون وصفة طبية، وباتوا اليوم غير قادرين على تأمينها حتّى.
من أصل 44 شركة منضوية في النقابة، تحتكر 7 شركات منها الحصّة السوقية الكبرى:
– شركة ميرساكو: تأسّست سنة 1959 ويملكها كلّ من غسان المحاسني ووليد مروّة وجوزف باسيلا. تستورد 265 علامة تجارية و525 دواء.
– شركة FDC: يمتلكها أيضاً المحاسني ومروّة، وهي تستورد مواد غذائية، فوطاً صحية، معجون أسنان، حفاضات أطفال، ولديها وكالات من شركات: «Merck»، «فايزر»، «ساجا» السعودية للدواء.
– شركة «فتّال غروب»: تنقسم إلى قسمين في عالم الدواء، الأول هو شركة «خليل فتّال وأولاده»، تمتلك 15 وكالة حصرية من شركات أدوية عالمية كـ«Bayer»، «فايزر»، «غافيزكون»، «سيماكو». الشركة الثانية هي «باسفيك فارما» التي تمتلك تراخيص استيراد 117 دواء، 18 دواء فقط مسوّق فيما البقية غير موزعة في السوق.
– مجموعة شركة أبيلّا إخوان: أسّسها ألبير أبيلا وهاشم طبارة عام 1927 وعدد من المساهمين. تمتلك المجموعة 14 وكالة حصرية من شركات أدوية عالمية، كـ«Advancis»، و«GlaxoSmithKline».
– مستودع أدوية الاتحاد: لسليم الغريّب، تملك ما لا يقل عن 28 وكالة حصرية.
– شركة أومنيفارما: تتوزّع ملكيتها بين ظافر شاوي وجوزيف جبارة، ونقيب شركات استيراد الأدوية كريم جبارة. تملك الشركة 14 وكالة حصرية لـ8 شركات عالمية: «Roche» و«AstraZeneca» و«Nestle».
– شركة سادكو – سامي دندن وشركاه، لديها 9 وكالات حصرية لأمراض السكري والقلب ومضادات الاكتئاب والمسكنات والمكمّلات الغذائية والعناية بالبشرة. من أبرز أنواع الأدوية التي تستوردها «البانادول».
في الأسابيع الماضية، اشتدّت أزمة الأدوية إلى حدّ فقدانها من السوق، نتيجة امتناع الشركات عن تسليم «بضاعتها» إلى الصيدليات، وإضراب عدد كبير من أصحاب «المتاجر». الأزمة المعلنة مرتبطة باعتراض الشركات على قرار وزير الصحة حمد حسن اعتماد سعر خاص للدولار يبلغ 12 ألف ليرة للأدوية «غير المدعومة» من قِبل مصرف لبنان. ويقول تجار الدواء إن اعتماد سعر 12 ألف ليرة للدولار يعني تكبيدهم خسارة كبيرة لأنهم يضطرون إلى شراء الدولار من السوق بأكثر من 20 ألف ليرة (قبل أن ينخفض السعر في الأيام الثلاثة الماضية).
بين تموز سنة 2020 وشباط 2021، حصلت شركات استيراد حليب الأطفال على موافقات لاستيراد وفق آلية الدعم التي حددها مصرف لبنان، بمبالغ كبيرة، قبل أن تُقرّر الانسحاب من آلية الدعم، وتفضيلها «الاستيراد الحرّ». أبرز تلك الشركات:
– شركة واصف سنّو وأولاده: 6 ملايين و723 ألف دولار.
– فتّال غروب: 3 ملايين و613 ألف دولار.
– كلّاسي غروب: مليونان و873 ألف دولار.
– ريمون جورج أبو عضل: مليون و652 ألف دولار.
– شركة FDC: مليون و98 ألف دولار.
– شركة بركتي: 908 آلاف دولار.
– شركة طبّارة: 739 ألف دولار.
– شركة غالينكور: 643 ألف دولار.
– شركة مستودع أدوية تامر: 444 ألف دولار.
– شركة مستودع أدوية الاتحاد: 374 ألف دولار.
– شركة انترفارما: 172 ألف دولار.
– شركة فيتوفارم: 76 ألف دولار.